77
الرواشح السماوية

النَهَم ۱ وتصحَّ في بدنك ، وتتعبّد للّه وتكونَ حرّاً ، وتعبده وتكونَ مَلِكاً ، أي احْتَمِ من الإفراط في شهوة الطعام وفي تناوله حتّى تكون بذلك صحيحاً في بدنك ، وتعبَّد للّه عزّ وجلّ واعبده حتّى تكون حرّاً من الأحرار وملكاً من الملوك .
والتسبيح والتحميد عَلَم للتسبيحات الأربع ، وكذلك هي المراد من «ذكر اللّه » في الروايه الثانية ، فمعناه تأتي بالتسبيحات الأربع حتّى تكون بذلك في حكم المستغفر لذنبك ، وتكونَ ۲ هي في قوّة الاستغفار منك ، والكفّارةِ لآثامك ، وفيها ۳ مغفرة لذنوبك ، لا أنّك تأتي بالتسبيحات ، ۴ وتضمّ إليها كلمةَ الاستغفار ، أو دعاءه على ما يتبادر إلى الوهم حتّى تنسب الرواية إلى الشذوذ .
وليعلم أنّه يستفاد من الخبر تفضيل التسبيحات على الفاتحة ، وهو كذلك في حقّ المنفرد على الأقوى وقد بسطنا القول فيه في كتاب عيون المسائل . ۵
ثمّ من غرائب هذا العصر أنّ ثُلَّةً من أهله ظفروا بهذا الخبر ـ الذي قد ودّعه الأصحاب عن آخرهم في مُطَّرَح تَرْكِ العمل بمضمونه ؛ لأسباب تأدّت بهم إلى تركه ـ فحسبوا أنّهم قد فازوا بما فاتهم ضبْطُه ، وأحاطوا بما لم يحيطوا بعلمه ، فأحدثوا القول بوجوب الاستغفار بعد التسبيحات .
ففريق منهم كانوا يقولون : «اللهمّ اغفر لذنبي» فنبّهتُهم وأطلعتهم على لحنٍ فيه مخالفٍ لقوانين العربيّة ؛ إذ الذنب حينئذٍ يكون مفعولاً له ، فيحتاج إلى تقدير المفعول به ، ويصير الكلام في قوّة : اللهمّ اغفر لذنبي ذنبه ، وتضحك منه وعليه الثَْكلى . وفريق : «اللهمّ اغفر ذنبي» وفريق «أستغفراللّه » .
وبالجملة : انتشرت الآراء وتفرّقت الأهواء على غير بصيرة ، واللّه سُبحانه أعلم .

1.فيحاشية «أ» و«ب»: «النَهَمُ ـ بالتحريك ـ : إفراط الشهوة فيالطعام». كما فيالقاموس المحيط ۴:۱۸۴،(ن. ه .م).

2.في حاشية «ب» : هنّ .

3.في حاشية «ب» : وفيهنّ .

4.في حاشية «ب» : إليهنّ .

5.عيون المسائل (ضمن اثنتا عشرة رسالة) : ۱۹۷ وما بعدها .


الرواشح السماوية
76

والقويّات عندنا صِحاحاً عندهم ، مع اعتبار القيود الثلاثة المذكورة .
قال بعض الشهداء من أصحابنا المتأخّرين في شرح بداية الدراية :
والخلاف في مجرّد الاصطلاح ؛ وإلاّ فقد يقبلون الخبر الشاذّ والمعلّلَ ، ونحن فقد لا نَقْبلُهما وإن دخلا في الصحيح بحسب العوارض . ۱
قلت : صحّ ما قاله ، والخبر الّذي لايُقبل ولايُعمل به عندنا لعوارضَ تعتريه ۲ مع كونه صحيحاً غيرُ قليل ، ومن ذلك ما قال بعض متأخّري الأصحاب ـ نوّر اللّه تعالى ضريحه ـ في المهذّب في تسبيحات الركعتين الأخيرتين مكانَ القراءة :
تتمّة : وهنا روايتان أُخريان ـ ولم يقل بمضمونهما من الأصحاب قائل ـ :
فالأُولى : صحيحة عبيد بن زرارة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر ، قال : «تسبّح وتحمّد اللّه وتستغفر لذنبك ، وإن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد ودعاء» . ۳
والثانية : رواية عليّ بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الركعتين الأخيرتين : ما أصنع فيهما؟ قال : «إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب ، وإن شئت فاذكر اللّه » . ۴
قلت : قد ألقيتُ إلى أسماع المتدبّرين في مصنّفاتي الدينيّة ، ومعلّقاتي الفقهيّة أنّ هناك محملاً صحيحاً سويّاً يصار إليه ، فلايكون فيه اطّراح الحديث الصحيح ، ولاخرقُ إجماع العصابة وشقُّ عصاهم ، ۵ وهو أن تكون «واو» و«تستغفر لذنبك» بمعنى «حتّى» للغاية، وذلك باب واسع في مذهب البلاغة، كما إذا قلت : تحتمي من

1.شرح البداية : ۲۲ .

2.في حاشية «أ» و«ب» : «عراني هذا الأمر واعتراني : إذا غشيك» . كما في لسان العرب ۱۵ : ۴۴ ، (ع . ر . ا) .

3.تهذيب الأحكام ۲ : ۹۶ ، ح ۳۶۸ ؛ الاستبصار ۱ : ۳۲۱ ، ح ۱۱۹۹ .

4.هو ابن فهد الحلّي في المهذّب البارع ۱ : ۳۷۳ ـ ۳۷۴ ، والرواية في تهذيب الأحكام ۲ : ۹۸ ، ح۳۶۹ ، والاستبصار ۱ : ۳۲۱ ـ ۳۲۲ ، ح ۱۲۰۰ .

5.في حاشية «أ» و«ج» : «يقال : قد شقّوا عصا المسلمين أي اجتماعهم وائتلافهم ، وانشقّت العصا أي وقع الخلاف» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2295
صفحه از 360
پرینت  ارسال به