75
الرواشح السماوية

الراشحة الثانية

[ في تعريف الحديث الصحيح ]

العلماء الجمهوريّة العامّيّة ـ كابن الصلاح ، ۱ والنواوي ، وابن جماعة ، والطيّبي ۲ وغيرهم ـ اعتبروا في حدّ الصحيح سلامتَه عن الشذوذ والعلّة ، وكونَه مرويَّ مَن يكون مع العدالة ضابطاً .
وأصحابنا ـ رضوان اللّه عليهم ـ أسقطوا ذلك عن درجة الاعتبار ، وهو الحقّ ؛ لأنّهم يفسّرون الشذوذ بكون الذي يرويه الثقة مخالفاً لمرويّ الناس ، وذلك حال المتن بحسب نفسه . وقد دَريتَ أنّ موضوع البحث هاهنا حاله بحسب طريقه لابحسب نفسه ، والعلّةَ بأسباب خفيّة غامضة قادحة يستخرجها الماهر في الفنّ ، وهي أيضاً إن كانت متعلّقةً بنفس جوهر المتن ، فخارجة عن الموضوع ، وإن كانت متعلّقةً بالسند كالإرسال أو القطع مثلاً فيما ظاهره الاتّصال ، أو الجرحِ فيمن ظاهر الأمر فيه التعديل ـ من دون أن يكون الاستخراج منتهياً إلى حدّ معرفةٍ جازمة عن حجّة قاطعة ، بل بالاستناد إلى قرائنَ ينبعث عنها ظنّ ، أو يترتّب عليها تردّد وشكّ ـ فإن كانت قويّةً يتقوّى بها ظنّ القدح ، فقَيْدا الاتّصالِ والعدالة يجديان في الاحتراز عنها ، وإلاّ فليست بضائرة في الصحّة المستندة إلى أسبابها الحاصلة .
وأمّا الضبط ـ وهو كون الراوي متحفِّظاً متيقِّظاً ، غيرَ مغفَّل ولا ساهٍ ولا شاكٍّ في حالتي التحمّل والأداء ـ فمضمَّن في الثقة ، وهم يتوسّعون في العدل بحيث يشمل المخالف مالم يبلغ خلافه حدَّ الكفر ، والمبتدعَ مالم يكن يروي ما يُقوِّي بدعتَه ، ويكتفون في العدالة بعدم ظهور الفسق ، والبناءِ على ظاهر حال المسلم على خلاف الأمر عندنا فلذلك اتّسعت عندهم دائرة الصحّة ، وصارت الحِسان والموثّقات

1.مقدّمة ابن الصلاح : ۱۶ .

2.الخلاصة في أُصول الحديث: ۳۹.


الرواشح السماوية
74

عدلاً إماميّاً والطريق إليه صحيحاً ، فإذن لم يتصحّح قسم آخَرُ خارج عن الأقسام الثلاثة السابقة إلاّ مرويّ الإمامي غيرِ المذموم ولا الممدوح ، فهو المحقوق باسم القويّ لاغير .
الخامس : «الضعيف» وهو ما لا يستجمع شروط أحد الأربعة المتقدّمة ، بأن يشتمل طريقه على : مجروح بالفسق ، أو بالكذب ، أو بالحكم عليه بالجهالة ، أو بأنّه وضّاع ، أو بشيء من أشباه ذلك ، فهو يقابل الصحيح والحسن والموثّق والقويّ جميعاً .
وربما يقال : إنّه يقابل الموثّق والقويّ كليهما ، أو يقابل القويّ فقط . ۱
فهذا ما قدخرّجه استقصاء التفتيش في تخميس القسمة ، وإنّ جماهير من في عصرنا هذا ، بل أكثرَ مَن في هذه العصور ۲ مغبِّبون ۳ في الفحص ، ومربِّعون للأقسام بإسقاط القسم الرابع من البين .
وربما سبق إلى بعض الأذهان أن يتجشّم إدراجَه في الحسن ـ وهو القسم الثاني ـ تعويلاً على أنّ عدم الذمّ مرتبه مّا من مراتب المدح . وكأنّه وهم بيّن الوهن والسقوط ، كماترى فليدرَك .

1.في حواشي النسخ : «و به قال شيخنا الشهيد ـ قدّس اللّه لطيفه ـ في الذكرى . ثمّ قال : وربما قابل الضعيفُ الصحيحَ والحسن والموثّق ، ويطلق الضعيف بالنسبة إلى زيادة القدح ونقصانه . (منه مدّ ظلّه العالي) » . وفي حاشية «ب» (م . ح . ق . دام ظلّه) .

2.في حاشية «أ» : «أي بعد عصر شيخنا الشهيد رحمه الله . (منه مدّ ظلّه العالي)» .

3.في حواشي النسخ : «غبّب فلان في الحاجة : إذا لم يبالغ فيها» . كما في لسان العرب ۱ : ۶۳۶ ، (غ . ب . ب) .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2157
صفحه از 360
پرینت  ارسال به