59
الرواشح السماوية

تكن الشهادة مقبولة ؛ فلذلك قال عزّ من قائل : « شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُو لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَـلـءِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ » ۱ أي أُولو العقل المضاعف الذي هو اليقين الحقّ .
قوله رحمه الله : (تبارك وتعالى : « وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ » ۲ ) .
«الحرف» في الأصل الطرف والجانب ، وبه سمّي الحرف من حروف الهجاء . أي على طرف وجانب من الاعتقاد ، يُميله كلُّ مميل ، ويُزيغه ۳ كلُّ مزيغ ، ويُزعجه ۴ كلّ مزعج ، لاقارَّ البصيرة ، ثابتَ التبصّر على حاقّ اليقين ، ومستقرِّ العلم ، ومتنِ العقل المضاعف كالجبال الرواسي ، فلايستطيعَ أن يقلقله صوت هائل ، ولا أن يزلزله ريح عاصف .
قوله رحمه الله : (وقد قال العالم عليه السلام) .
هو أبو الحسن الأوّل مولانا الكاظم صلوات اللّه عليه .
قوله عليه السلام : (لم يتنكّب الفتن) .
على التفعّل من نكب عن الطريق إذا عدل عنه ومال ، ونكّبه غيرُه : أماله عنه وأبعده ، يقال : تنكّبه أي تجنّبه وتباعد عنه . ۵
قوله رحمه الله : (انبسق) .
يقال : بسقت النخل وانبسقت : إذا طالت باسِقاتُها ، وبواسيقها أي التي استطالت من فروعها وغصونها ، ومنه « وَ النَّخْلَ بَاسِقَـتٍ » . ۶
وفي نسخ جَمّة «انبثق» بالثاء المثلّثة ، قال ابن الأثير في نهايته : «في حديث هاجر

1.آل عمران (۳) : ۱۸ .

2.الحجّ (۲۲) : ۱۱ .

3.في حاشية «أ» و «ب» : «في حديث الدعاء : اللهمّ لاتزغ قلبي أي لاتمله عن الإيمان» . كما في النهاية في غريب الحديث والأثر ۲ : ۳۲۴ ، (ز .ى .غ) .

4.في حاشية «أ» و «ب» : «أزعجه أي أقلقه وقلعه عن مكانه». كما في القاموس المحيط ۱ : ۱۹۱ ، (ز . ع . ج).

5.لاحظ لسان العرب ۱ : ۷۷۰ ، (ن . ك . ب) .

6.ق (۵۰) : ۱۰ .


الرواشح السماوية
58

الذات المسلوبةِ الضرورةِ بحسب نفسها في كلا طرفي التقرّر واللا تقرّر ، وإنّما النظر في اتّساق النظام ، وغرائب الصنع ، وعجائب التدبير يسوق العقلَ إلى توحيد صانعها وجاعلها ، وإثباتِ أنّ الصانع الجاعل الواحد الحقّ ـ جلّ مجده ـ تامُّ العلم ، عظيم الخُبْر ، لطيف التدبير ، بالغ الحكمة .
فإذن قوله رحمه الله : (لما فيها من آثار صنعه ، وعجائب تدبيره) .
فيه : أنّ تعليل الشهادة بذلك اعتبار في حيّز السقوط ، إلاّ أن يكون قد رام بالربوبيّة والإلهيّة ما يشمل إثباتَ الذات والتوحيد والعلم والحكمة جميعا .
قوله رحمه الله : (جلّ ثناؤه : « ألَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم ميثاقُ الْكِتابِ » ) .
أي ميثاق كتاب الوحي والتنزيل ، والهداية والتبصير ، أو ميثاق كتاب الوجود والإيجاد ، والصنع والإبداع .
و«الميثاق» مفعال من الوَثاق بالفتح ، و الكسرُ فيه لغةٌ ، كالميقات من الوقت ، والميعاد من الوعد . ومعناه : المَوْثِق ، وهو العهد . ومنه في التنزيل الكريم : « حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ » . ۱ و«الوثاق» في الأصل قيد أو حبل يُشدّ به الأسير والدابّة ، يقال : رجل موثَّق أي مأسور مشدود بالوثاق . ثمّ قيل للمؤتمَن المعتمَدِ على أمانته : ثقة وموثّق وموثوق به .
قوله رحمه الله : (لعلّة العلم بالشهادة) .
أي بما الشهادةُ ۲ له وهو الحقّ المشهود له .
وكذلك قوله : (ولولا العلم بالشهادة)
أي ولولا اليقين ـ المسمّى بالعقل المضاعَف ۳ ـ بالحقّ الذي هو المشهود له ، لم

1.يوسف (۱۲) : ۶۶ .

2.في «ج» : «بالشهادة له» بدل «بما الشهادة له» .

3.في حاشية «ج» : «قيل : يعتبر في العقل المضاعف أربعة أشياء : الأوّل : العلم بوجود الحكم . الثاني : العلم بانتفاء نقيض الحكم . الثالث : العلم بوجوب الحكم . الرابع : العلم بانتفاء وجوب النقيض» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2177
صفحه از 360
پرینت  ارسال به