في درجة صيغة المفرد لشيء واحد هو إحدى تلك المراتب ، على سياق ما في التنزيل الكريم من قوله عزّ قائلاً : «يَـنِسَآءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ» ۱ أي كجماعة واحدة من جماعات النساء .
وكذلك الأمر في «مصابيحا» و«مفاتيحا» و«دعائما» . وعلى هذا السبيل في التنزيل الكريم قوله سبحانه : « سَلَـسِلاَْ » ۲ و « قَوَارِيرا » ۳ « قَوَارِيرا » على القراءة بالتنوين فيها جميعا . وهذا ألطفُ وأدقّ وأعذب وأحقّ من قول الكشّاف : «وهذا التنوين بدل من ألف الإطلاق ؛ لأنّه فاصلة . وفي الثاني ؛ لإتّباعه الأولَّ» . ۴ كيف؟ وليس هو في حيّز مسيس الحاجة إلى صرف الإطلاق ألبتّة ، وغاية ما يستحقّ أمر الإتّباع من الاعتبار إتّباع مقام الوصل لمقام الوقف لاأزيدَ من ذلك . وحذاءَ ممشايَ مشى ، ونظيرَ مسيري سار حاذق تفتازانَ في تنوين «أوّلاً» ولو كان مشفوعا بالموصوف في الذكر ؛ حيث قال في كتاب التلويح : «إنّ انتصاب أوّلاً وثانيا على الظرفيّة» . ۵
وأمّا التنوين في «أوّلاً» ـ مع أنّه أفعل التفضيل بدليل الأُولى والأوائل ، كالفُضلى والأفاضل ـ فلأنّه هاهنا ظرف بمعنى قبلُ ، وهو حينئذٍ منصرف لا وصفيّة له أصلاً . وهذا معنى ما قال في الصحاح :
إذا جعلته صفة لم تصرفه ، تقول : لقيته عاما أوّلَ ، وإذا لم تجعله صفة صرفته ، تقول : لقيته عاما أوّلاً ، ومعناه في الأوّل : أوّل من هذا العام ، وفي الثاني : قبل هذا العام . ۶
هذا قوله بألفاظه .
1.الأحزاب (۳۳) : ۳۲ .
2.الإنسان (۷۶) : ۴ .
3.الإنسان (۷۶) : ۱۵ ـ ۱۶ .
4.الكشّاف ۴ : ۶۶۷ ، ذيل الآية ۴ ، وص ۶۷۱ ، ذيل الآية ۱۵ ـ ۱۶ من الإنسان .
5.لم نعثر على هذا الكتاب .
6.الصحاح ۳ : ۱۸۳۸ ، (و . أ . ل) .