43
الرواشح السماوية

وأُولاتُ العُهَد ۱ والاستعدادات .
وأمّا الجواهر الثابتة القدسيّة المنزّهة عن عوارض المادّة رأسا ، وعن القوّة الاستعداديّة مطلقا ، فلايتصحّح ولا يتصوّر بالقياس إليها تعاقبُ الإضافات العارضة لذواتها ، وإن كان تبدّل الإضافات المحضة وتغيّرها غيرَ مستوجب تبدّلاً في ذات الموضوع ، ولا تغيّرا في شيء من جهات ذاته وصفاته الحقيقيّة أصلاً ، وإذا كان الأمر في المبدَعات الباطلة الذوات في حدّ أنفسها على هذا السبيل ، فما قولك في المبدِع الحقّ من كلّ جهة جلّ قدسه وعزّ مجده؟
قوله : (احتجب بغير حجاب محجوب ، واستتر بغير ستر مستور) .
«حجابٍ محجوب» و «سترٍ مستور» إمّا من باب : «حجابا مستورا» أي حجابا على حجاب ، بناءً على أنّ أقصى مراتب شدّة الاحتجاب ـ لو كان من تلقاء حجاب ـ كان لامحالة بحجاب على حجاب ، فنفي ذلك على قوانين البُلغاء وسنّة البلاغة لايكون ذا نضارة إلاّ بنفي حجاب على حجاب كما أمْر « وَ مَا رَبُّكَ بِظَـلَّـمٍ لِّلْعَبِيدِ » . ۲ أو من باب النعت بوصف الجار ، والوصف بحال المتعلّق ، أو من باب التوصيف بالغاية المترتّبة .
وأمّا أن يؤخذ على قياس : «صيفٌ صائفٌ» و «دهر داهر» و «بون بائن» فغير مغنٍ عن الالتحاق ببعض تلك الأبواب ، لمكان صيغة المفعول .
قولهُ : (عُرف بغير رويّة) .
قد تقرّر في العلوم العقليّة أنّ كلّ ما لاسبب ولا جزء له لايمكن عرفانه بطريق

1.في حاشية «أ» : «أي أنواع عدم الإحكام ، والضعف والدرك وما يجري مجرى ذلك ، يقال : «في الأمر عُهدة» أي لم يُحكَم بعدُ ، و «في عقل فلان عهدة» أي ضعف ، و «عهدته على فلان» أي ما أُدرك فيه من دَرَك فإصلاحه عليه» . كما في لسان العرب ۳ : ۳۱۲ ، (ع . ه . د) . و في حاشية «ب» : العُهَد جمع العُهْدة . والعهدة : النقص في الشيء كما يقال : عليه عهدته أي غرم نقصه .

2.فصّلت (۴۱) : ۴۶ .


الرواشح السماوية
42

«كلّ ما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانيه» ۱ إلى آخره .
وذلك معنى ما في الأدعية السجّاديّة في الصحيفة الكاملة من قوله عليه السلام : «ضلّت فيك الصفات ، وتفسّخت فيك النعوت» . ۲
وقوله : (وضلّ فيه تصاريف الصفات) .
تصاريف الصفات عبارة عن تكثير حيثيّاتٍ تقييديّة في ذات الموصوف ، يكون كلّ واحدة منها في إزاء إحداها ، على ما هو الشأن في عالم الإمكان . وذلك ممتنع بالقياس إلى جناب القيّوم الواجب بالذات جلّ ذكره فجملة الصفات الحقيقيّة الكماليّة هناك في إزاء حيثيّةٍ واحدةٍ حقّةٍ أحديّةٍ .
هي حيثيّة الوجوب بالذات التي مثابتها بوحدتها وأحديّتها مثابة جملة الحيثيّات المجديّة الكماليّة ، على أقصى مراتب التمام والكمال ، وفوق التمام والكمال ، وكثرةُ الاعتبارات راجعة إلى تكثير الأسماء الحسنى لا غير ، ولا يكون في إزاء ذلك تكثّرُ جهاتٍ ذاتيّة ، ولاتكثّر معانٍ قائمة بذات الواحد الحقّ أصلاً .
أو هي عبارة عن ضروب الصفات ، وأنواعها التي هي الصفات الحقيقيّة الصريحة القارّة حقّا من كلّ جِهة ، والصفاتُ الحقيقيّة أُولاتُ إضافةٍ لازمة ، والإضافاتُ المحضة ، والسلوب الصرفة الخالصة ، وذلك إنّما يكون في الموصوفات الجائزة الذات والوجودِ ، فأمّا في الذات الواجبة ، والحقيقة الوجوبيّة ، فلا يصحّ إلاّ السلوب الصرفة ، والإضافات المحضة .
أو هي عبارة عن إمكان تغيّر الموصوف ، وانتقالِه متدرّجا من صفة إلى صفة ، ومن حال إلى حال ، ومن شأن إلى شأن ، ومن سلب إلى سلب ، ومن إضافة إلى إضافة ، وعروضِ إضافات محضة متكثّرة لذاته شيئا بعد شيء ، على سنّة التدريج والتعاقب ، وليس ذلك يتصحّح إلاّ في موصوفات هي ذوات الأحياز والأوضاع ،

1.بحار الأنوار ۶۶ : ۲۹۳.

2.الصحيفة السجّاديّة من دعائه عليه السلام بعد الفراغ من صلاة الليل : ۱۶۶ ، الدعاء ۳۲ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2230
صفحه از 360
پرینت  ارسال به