أمّا الرهبة من الجمال ، فللهَيَمان ۱ الحاصل من الجمال الإلهي ، ولانقهار العقل منه وتحيّرِه فيه .
وأمّا الرغبة في الجلال . فللّطف المستُور في القهر الإلهي ، كما قال تعالى : « وَ لَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ يَـأُوْلِى الْأَلْبَـبِ » ۲ وقال أميرالمؤمنين كما روي عنْه :«سبحان من اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته ، واشتدّت نقمته لأعدائه في سعة رحْمته» . ۳ و من هنا يعلم قوله : «حُفّت الجنّة بالمكاره ، وحُفّت النار بالشهوات» . ۴
قولهُ : (النافذِ أمرُه في جميع خلقه) .
المراد به أمر التكوين لا أمر التشريع ، فللّه أمران : أمرُ تكوينٍ وهُو الذي بلا واسطة مخلوق . وأمرُ تشريع بواسطة الكتب والرسل عليهم السلام . والأوّل نافذ في جميع الخلق ، ولايسعهم إلاّ الطاعةُ كما قال تعالى : « إِنَّمَآ أَمْرُهُو إِذَآ أَرَادَ شَيْـ?ا أَن يَقُولَ لَهُو كُن فَيَكُونُ » . ۵ لثاني مختصّ بالثقلين ، فمنهم من أطاع ، ومنهم من عصى .
قولهُ (علا فاستعلى ، ودنا فتعالى) .
أي سبق في العلوّ فاستعلى ، وغلب على جميع الموجُودات .
وتحريره أنّ العلوّ يقال بالاشتراك على معانٍ ثلاثة :
الأوّل : العلوّ الحسّي المكاني كارتفاع بعض الأجسام على بعض .
الثاني : العلوّ التخييلي ، كما يقال للمَلِك الإنساني : إنّه أعلى الناس أي أعلاهم في الرتبة المتخيَّلة كمالاً .
الثالث : العلوّ العقلي ، كما في بعض الكمالات العقليّة التي بعضها أعلى من
1.هام في الأمر : إذا تحيّر فيه . لسان العرب ۱۲ : ۶۲۶ ، (ه . ى . م) .
2.البقرة (۲) : ۱۷۹ .
3.نهج البلاغة : ۱۴۷ ، الخطبة : ۹ .
4.صحيح مسلم ۴ : ۲۱۷۴ ، ح ۲۸۲۲ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ وبتفاوت يسير عن عليّ عليه السلام في نهج البلاغة : ۳۳۴ ، الخطبة ۱۷۶ .
5.يس (۳۶) : ۸۲ .