273
الرواشح السماوية

للمحدّث أن يتجنّبه ، ويختلف الأمر في كراهيته شدّةً وضعفاً بحسب اختلاف الغرض الحامل عليه ، فقد يَحدو عليه كونَ الشيخ المُغَيَّر وَسْمهُ غيرَ ثقة ، أو كونَه أصغرَ سنّا من الراوي عنه ، فيستكبر الراوي عن الرواية عنه ، أو كونَ الراوي مِكثارَ الرواية عنه فلايستحِبّ الإكثار من ذكر شخص واحد على صورة واحدة .
وربما كانت بينهما غائلة منافِرة فاقتضت عدمَ التنويه بذكره ؛ إذ لم يكن يسعه لثقته تركُ الحديث عنه صوناً للدين ، وأهل الحديث مسامحون في هذه كلّها إلاّ فيما كان لإخفاء ضعفه ، فإنّه كاد يكون من الغشّ في الحديث .
فأمّا التدليس في مكان الإخبار ، وحمل الخبر ، وتحمّل الرواية ، فأمره في الكراهة أخفّ من ذلك كلّه .
وليعلم أنّ عدم اللقاء يوجب التدليس ، ويعلم بإخبار المدلّس عن نفسه بذلك ، أو باطّلاع متمهّر عليه ، ولايكفي أن يقع في بعض الطرق زيادة راوٍ بينهما ؛ لاحتمال أن يكون من باب «المزيد» ، أو من باب تعارض الاتّصال والانقطاع .

المضطرب

وهو مااختلف راويه بعينه ، أو رواته بأعيانهم في طريق روايته علي نحوين مختلفين ، مرّةً على وجه ، وأُخرى على وجه آخَرَ مخالفٍ له . وإنّما يحكم «بالاضطراب» مع تساوي الروايتين المختلفتين في درجة الصحّة ، أو الحسن ، أو الموثّقيّة ، أو القوّة ، أو الضعف ، وكذلك في درجة علوّ الإسناد ، أو التسلسل ، أو القبول ، أو الإرسال ، أو القطع ، أو التعضيل ، أو غيرها .
وبالجملة : مع تساويهما في جميع الوجوه والاعتبارات بحسب درجات أقسام الحديث الأصليّة والفرعيّة ، إلاّ في نحوَي الرواية المختلفين اللذين بحسبهما الحكم بوصف الاضطراب بحيث لايترجّح إحداهما على الأُخرى ببعض المرجّحات .
أمّا لو ترجّحت إحداهما على الأُخرى بوجهٍ مّا من وجوه الترجيح ـ كأن يكون


الرواشح السماوية
272

وادّعى عمل الطائفة على أخبار جماعة هذه صفتهم . ۱
ثمّ قد اختلف في أنّ التدليس هل هو جرح ، أي هل تقبل الرواية المدلَّسة ، وهل تقبل رواية من عُرف بالتدليس في غير مادلّس به؟ على أقوال : فقيل مانع من قبول الرواية مطلقاً ، سواء عليه أبيّن السماع ، أم لم يبيّن .
وقيل : ۲ لايمنع من ذلك على الإطلاق ، بل ما علم تدليسه فيه يردّ ومالا ، فلا ؛ إذ المفروض أنّ المدلِّس ثقة ، والتدليس ليس بكذب بل تمويه . ۳ ومنهم من يقول : التدليس بالمعاريض ليس بجرح ؛ لأنّ قصده للتوهيم غير واضح .
ومنهم من يفصّل فيقول : إن صرّح بما يقتضي الاتّصال ك «حدّثنا» و«أخبرنا» و«سمعته» فمقبول محتَجّ به . وإن أتى بما يحتمل الأمرين ك «عن» و «قال» فحكمه حكم المرسل وأنواعِه .
وفيهم من يفرّق بين «حدّثني» و«أخبرني» فيجعل الأوّل كالسماع ، والثاني متردّد بين المشافهة والإجازة والكتابة والوجادة ، والمرجع إلى أنّ التدليس غير قادح في العدالة ولكن تحصل به الريبةُ في إسناده فلا يحكم باتّصال سنده إلاّ مع إتيانه بلفظٍ لايحتمل التدليس بخلاف غير المدلِّس ، فإنّه يحكم ـ لإسناده ـ بالاتّصال حيث لامعارض له .
وأمّا التدليس في أمر الشيخ لافي نفس الإسناد ، فلايترتّب عليه كون المدلِّس به مجروحاً ، ولكن فيه تضييع للمرويّ عنه ، وتوعير ۴ لطريق معرفة حاله ، فينبغي

1.معارج الأُصول : ۱۴۹ .

2.في حاشية «أ» : «ردّ على زين المتأخّرين حيث قال في شرح بداية الدراية : وفي جرح فاعله بذلك قولان : بمعنى أنّه إذا عُرف بالتدليس ، ثمّ روى حديثاً غير مادلّس به ، ففي قبوله خلاف . (منه مدّ ظلّه العالي)» راجع شرح البداية : ۵۵ .

3.راجع شرح البداية : ۵۵ .

4.في حاشية «أ» : «جبل وعر ، أي غليظ حزن ، يصعب الصعود إليه ، كذا في النهاية ، وفي الصحاح : جبل وعر ـ بالتسكين ـ ومطلب وعر وتوعّر ، أي صار وعراً ، و وعّرته أنا توعيراً . (سُمع منه خلّد ظلّه العالي)» . راجع النهاية في غريب الحديث والأثر ۵ : ۲۰۶ والصحاح ۲ : ۸۴۶ ، (و . ع . ر) .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2223
صفحه از 360
پرینت  ارسال به