271
الرواشح السماوية

وعن بعض العلماء : «التدليس أخو الكذب» . ۱ ويعنى به هذا القسم ؛ لما فيه من إيهام اتّصال السند مع كونه مقطوعاً ، قلّما يستجيزه الثقة الثَبَت بخلاف الأمر في القسم الثاني ؛ إذ الشيخ مع ذلك التدليس به ، إمّا أن يُعرف ، فيعلم مايلزمه من ثقة أو ضعف ، أولا ، فيصير الحديث به مجهولَ السند ، فيُردّ عند من يقول باشتراط ثبوت العدالة في قبول الرواية كالعلاّمة في النهاية . ۲ وهو قول الشافعي من العامّة . ۳
ومَن ۴ يقول : مقتضى الآية ۵ كون الفسق مانعاً من قبول ، فإذا جهل حال الراوي المعلوم العين والمذهب لايصحّ الحكم عليه بالفسق ، فلايجب التثبّت عند إخباره ؛ قضيّةً لمفهوم الشرط ، وكونُ عدم الفسق شرطاً ممنوع ؛ بل المانع ظهوره ، فلايجب تحصيل العلم بانتفائه حيث يجهل يذهب إلى قبول الرواية ؛ لأصالة عدم الفسق في المسلم ، وأصالة الصحّة في قوله وفعله .
وهذا مذهب شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه تعالى في بعض آرائه ، فإنّه كثيراً مّا يقبل خبر من ليس بثابت العدالة ، ولابمعلوم الفضل والجلالة ، ولايبيّن سببٌ . وإليه جنح بعض المتأخّرين في شرح بداية الدراية . ۶ وبه قال أبو حنيفة محتَجّاً بمثل ما ذكر ، وبقبول قوله في : تذكية اللحم ، وطهارة الماء ، ورقّ الجارية .
وقال المحقّق نجم الملّة والدين رحمه اللّه تعالى في كتابه في الأُصول :
عدالة الراوي شرط في العمل بخبره .
وقال الشيخ : يكفي كونه متحرّزاً عن الكذب في الرواية وإن كان فاسقاً بجوارحه ،

1.قال في مقدّمة ابن الصلاح : ۶۰ : «فروينا عن الشافعي الإمام عنه أنّه قال : التدليس أخو الكذب» . وحكاه عن شعبةَ ابنُ الحجّاج الخطيب البغدادي في الكفاية : ۳۵۵ .

2.نهاية علاّمة لا يوجد لدينا .

3.راجع مقدّمة ابن الصلاح : ۶۰ ؛ الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۲ .

4.مبتدأ وخبره قوله : «يذهب» .

5.الحجرات(۴۹) : ۶ . «يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبا?فتبيّنوا . . .»

6.شرح البداية : ۵۵ .


الرواشح السماوية
270

والروم» ۱ ـ لاتعويل عليه . وأمّا قول القاضي عياض ـ : «إنّ سيحان وجيحان هما سيحون وجيحون ببلاد خراسان» ـ فكما قد قال النووي ، هو خلاف اتّفاق .
قلت : و«سيحان» منبعه حيث الطول ثمانية وخمسون درجةً ، والعرض أربعة وأربعون درجة ، وممّره من الشمال إلى الجنوب في بلاد الروم إلى حيث يتّحد بجيحان في أرض المصيصة ، وينصبّان في بحر الروم ما بين أياس وطرسوس .
و«جيحان»منبعه حيث الطول ثمانية وخمسون درجة، والعرض ستّه وأربعون درجة.
وأمّا «جيحون» فعموده يخرج من حدود بدخشان حيث الطول أربعة وتسعون درجة ، والعرض سبعة وثلاثون درجة ، وتتّصل به أنهار ، ويجري نحوَ المغرب والشمال إلى حدود بلخ ، ثمّ إلى تِرمِد فيتوجّه شطرَ المغرب والجنوب إلى حيث الطول تسعة وثمانون درجة ، والعرض سبعة وثلاثون درجة ، فينصرف نحو الغرب والشمال إلى حيث الطول ثمانية وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة ، والعرض تسعة وثلاثون درجة ، وهكذا في المغرب والشمال إلى خوارزم ، ثمّ يأخذ نحو المشرق مائلاً إلى الشمال إلى أن ينصبّ في بُحَيرة خوارزم .
و«سيحون» أيضاً يخرج من حيث الطول إحدى وتسعون درجة ، والعرض اثنتان وأربعون درجة ، ويمرّ على بلاد الترك وخجند ، وجند وفاراب ، لاحدود بلخ وفارياب كما قد قيل . ويجري نحو المغرب إلى الجنوب وينصبّ في بُحيرة خوارزم .
وفي القاموس أيضاً «سيحان نهر بالشام ، وآخره بالبصرة . ويقال : فيه ساحيروة بالبلقاء ، بها قبر موسى عليه السلام ، وسيحون نهر بماوراء النهر ، ونهر بالهند» . ۲
والقسم الثالث من التدليس أخفّ ضرراً من القسمين الأوّلين ، ثمّ الثاني منهما أخفّ ضرراً من الأوّل . والأوّل مكروه جدّاً ذمّه العلماء ، وكان شُعبَةُ في علماء العامّة من أشدّهم ذمّاً .

1.القاموس المحيط ۴ : ۲۱۰ ، (ج . ح . ن) .

2.القاموس المحيط ۱ : ۲۳۸ ، (س . ا . ح) .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2368
صفحه از 360
پرینت  ارسال به