واحتجّ لذلك بأنّ الطائفة عملت بالمراسيل عند سلامتها عن المعارض كما عملت بالمسانيد ، فما أجاز أحدهما أجاز الآخر . ۱ انتهى كلامه .
وربما يقال ـ على ظاهر هذا التقرير ـ : يكون قول الشيخ مذهبا خامسا غيرَ راجع إلى شيء من الأربعة المنقولة . وليس كذلك ؛ فإنّه منطبق على المذهب الثاني بعينه من دون تكلّف .
ثمّ طريق معرفة الإرسال ، العلم بعدم تعاصر طرفي مَن في الإسناد ، أو عدم تلاقيهما وإن كان في عصر واحد مع عدم الاستناد إلى إجازة ولا وجادة ؛ ولذلك احتيج إلى ضبط أنساب الرواة ، وألقابهم ، وتواريخ مواليدهم ، وأعمارهم ، وأزمنة تحصيلهم ، وأمكنة وفاتهم ، وأوقات إقامتهم وارتحالهم .
تعقيب
قول الثَبَتِ الثقةِ : «عن بعض أصحابنا» أو «عن صاحب لي ثقةٍ» أو «أخبرني شيخ ثَبَت» أو «سمعت صاحبا لي وهو ثقة ثَبَت» ، أو ما يجري مجرى ذلك ، شهادة منه لامحالة لتلك الطبقة بالثقة والجلالة وصحّة الحديث . وجهالةُ الاسم والنسب هنالك ممّا لايوجب حكم الإرسال ولايثلم في صحّة الإسناد أصلاً ، والمنازع المُشاحُّ في ذلك مكابر لاجٌّ .
أليس قد صار من الاُصول الممهّدة عندهم أنّ رواية الشيخ الثقة الثبت الجليل القدر عن أحد ممّن لايُعلم حاله أمارة صحّة الحديث وآية ثقة الرجل وجلالته ؟ بل إذا ما كان في الإسناد مثلاً محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ ـ وهو ضعيف مذموم ـ تسمعهم ، يقولون : رواية ابن أبي الخطّاب عنه تَجبر الوهن وتسدّ الثُلمة .