197
الرواشح السماوية

العالي الإسناد

إمّا علوّ إسناده بالقرب من المعصوم وقلّة الواسطة . وهذا أفضل أنحاء علوّ الإسناد لدى الأكثر . ولا سيّما إذا ما كان بسندٍ صحيح نظيف .
ومن الذائع المشهور ثلاثيّات رئيس المحدّثين من أصحابنا في جامعه الكافي ، ۱ وثلاثيّات البخاري من العامّة في صحيحه . ۲
قال محمّد بن أسلم الطوسيّ ـ على ما نقله الطيّبيّ في خلاصته ـ : «قرب الإسناد قرب ، أو قربة إلى اللّه تعالى» . ۳ و«أو» إمّا ترديد من الراوي ، أو تنويع من القائل ، كقوله عزّ من قائلٍ : « عُذْرًا أَوْ نُذْرًا » . ۴
ثمّ بعد هذه المرتبة قرب الإسناد من أحد أئمّة الحديث ، كشيخ الطائفة ، والصدوق عروة الإسلام ، ورئيس المحدّثين ، والحسين بن سعيد الأهوازي ، ومحمّد بن الحسن الصفّار ، وأضرابهم .
وإمّا بتطاول التنازل ، وكثرة الوسائط مع كون الجميع أعيانَ الثقات الأثبات ، وأعاظمَ العلماء الأجلاّء الفقهاء ، فإنّ ذلك يفيد متانة القوّة ورزانة الصحّة .
ومنهم مَن يرجّح النزول مطلقا ؛ استنادا إلى أنّ كثرة البحث وزيادة الفحص مفتاح تزايد الفيض ، ومَثْراةُ تضاعف الأجر ، وذلك أمر وحشي لغرض فنٍّ نحن في سبيله ، وهو ما يتعلّق بالترزين والتمتين ، والتوهية والتوهين .
وإمّا بتعدّد الإسناد في سندٍ واحدٍ ؛ فالإسناد قد يطلق ويراد به السند وهو الطريق بتمامه ، وقد يطلق ويراد به بعض السند .

1.راجع : مشرق الشمسين : ۲۷۸ . وتعليقة المصنّف على الكافي : ۷۶ .

2.قال في تعليقة الخلاصة في أُصول الحديث : ۵۵ : «الثلاثيّات هي الأحاديث التي يكون عدد رواتها إلى الصحابة ثلاثة رواة . قال الكتاني : والثلاثيّات للبخاري هي اثنان وعشرون حديثا جمعها الحافظ ابن حجر وغيره وشرحها غير واحد . (الرسالة المستطرفة ، ص ۹۷)» .

3.الخلاصة في أُصول الحديث : ۵۵ .

4.المرسلات (۷۷) : ۶ .


الرواشح السماوية
196

السلام عليك يا شهر اللّه الأكبر ، و يا عيدَ أوليائه الأعظمَ . السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ، ويا خير شهرٍ في الأيّام والساعات . السلام عليك من شهرٍ قربت فيه الآمال ، ونُشرت فيه الأعمال . السلام عليك من قرينٍ جلّ قدره موجودا ، وأفجع فقده مفقودا ، ومرجوٍّ آلَمَ فراقه . السلام عليك من أليفٍ آنس مقبلاً فسرّ ، وأوحش منقضيا فمضّ . السلام عليك غيرَ كريه المصاحبة ، ولا ذميمَ الملابسة . السلام عليك كما وفدتَ علينا بالبركات ، وغسلت عنّا دنس الخطيئات . السلام عليك غير مودّع بَرَما ، ولامتروكٍ صيامه سأما . السلام عليك من مطلوبٍ قبل وقته ، ومحزونٍ عليه قبل فوته . السلام عليك ما كان أحرَصَنا بالأمس عليك ! وأشدَّ شوقَنا غدا إليك! . السلام عليك وعلى فضلك الذي حُرِمناه ، وعلى ماضٍ من بركاتك سُلبناه .

۰.وقال عليه السلام :فنحن مودّعوه وداعَ مَن عزّ فراقه علينا ، وغَمَّنا وأوحشنا انصرافُه عنّا .

۰.وقال عليه السلام :اللهمّ صلّ على محمّد وآله واجْبُر مصيبتَنا بشهرنا ۱

ولقد رأيت في بعض آثار الصوفيّة :
أنّ الحسين بن منصور الحلاّج كان ينوي في أوّل شهر رمضان ويفطر يوم العيد ، ويختم القرآن في كلّ ليلة في ركعتين ، وكلّ يوم في مأتي ركعة ، وكان يلبس السواد يوم العيد ويقول : هذا لباس مأتم مَن يُردّ عملُه .
فلعلّ هذا في مذهب استحقار الطاعة واستكبار المعصية في سبيل العبوديّة وجهٌ آخَرُ لاتّخاذ عيد الفطر يومَ مأتمٍ .
وبالجملة : العارف إنّما يتعيّد بضاحية نهار العرفان ، والعاشق إنّما يَتَنَوْرِزُ بطلوع شمس وجه الحبيب في نيروز خلع الأجساد ورفض الأبدان .
جعلنا اللّه سبحانه من أهل سعادة لقائه . ومن المتبهّجين ببهجة الاستضاءة بنوره والابتهاء ببهائه ، بحرمة أخلاّئه من سفرائه ، وأصفيائه من أوليائه .

1.الصحيفة السجّاديّة : ۲۳۳ ، الدعاء ۴۵ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2131
صفحه از 360
پرینت  ارسال به