195
الرواشح السماوية

عيدكم يومَ الأحد ، ثمّ اعتبروا شهر شوّال تسعة وعشرين يوما ، وشهرَ ذي القعدة ثلاثين يوما ، أو بالعكس ؛ إذ لايكون ثلاثة شهور متتالية ثلاثين ثلاثين ، فيكون غرّة شهرَ ذي الحجّة الحرام يومَ الأربعاء ويوم النحر يومَ الجمعة لا محالة .
وعلى هذا القياس ، إذا غمّت الأهلّة وتحيّرتم في يوم عاشوراء وقد كان هلال شوّال ثابتا ويوم العيد متعيّنا عندكم ، فاتّخذوا يوم عيدكم بعينه يومَ عاشوراء ؛ وذلك لأنّ الأصل في ذلك الشهر الثابتِ أوّلُه أن يكون ثلاثين يوما ، وفي الشهرين الأخيرين من بعده أن يكون أحدهما ثلاثين ، والآخَرُ تسعة وعشرين يوما ، وذلك فرضكم ؛ فإنّه وإن كان من المحتمل أن يكون كلٌّ منهما تسعة وعشرين إلاّ أنّه لايسوغ في الشرع اعتبارُ ذلك بمجرّد الاحتمال فليُفْقَه .
وثانيهما : أن يعكس اعتبار الوضع والحمل ، فيعتبرَ تقديم الخبر تنبيها على ادّعاء حصر مفهومه في المبتدأ مطلقا ، أو على الكمال وبالحقيقة ويقالَ : لايبعد أن يكون معناه أنّ يوم الصوم ـ أعني أوّل شهر رمضان ـ هو المحقوق عند المؤمن ، والحقيق في مذهب خلوص الإيمان بأن يُعدّ يومَ العيد ، وهو يوم الأضحى .
وأمّا عيد الفطر ـ وهو أوّل شوّال ـ فحقّه إذا ما كمل قسط الإيمان وتمّ نصاب استلذاذ العبادات والالتذاذ بها ولا سيّما الصّلاة التي هي معراج رُوع المؤمن ، والصوم الذي جزاء العاشق العارف به لقاءُ القدّوس الأحد الحقّ ، ووصالُ المعشوق الجميل البهيّ القيّوم النور المطلق أن لايُعدَّ ۱ عيدا ، بل يحسب كأنّه يوم عاشوراء ، ومأتما لمضيّ شهر الرحمة لفيوض أرواقه ، وحزنا على فواته ، ووَجْدا على فراقه . فها دعاء الصحيفة الكريمة السجّادّية في وداع شهر رمضان لبيان هذا المعنى موضِحٌ ما أوضحَه! ومبيّنٌ ما أبْيَنه!

۰.حيث سمّاه سيّد الساجدين العيدَ الأعظم لأولياء اللّه ، فقال عليه السلامفي وداعه :

1.خبر لقوله قُبَيلَ هذا : «فحقّه» .


الرواشح السماوية
194

ينقل عن أحمد بن حنبل أنّه قال :
أربعة أحاديثَ تدور على الألسن في الأسواق ليس لها أصل في الاعتبار : «من بشّرني بخروج آذار بشّرته بالجنّة» . و«من أذى ذمّيّا فأنا خصمه يوم القيمة» . و«يوم نحركم يوم صومكم» . و«للسائل حقّ وإن جاءكم على فرس» . ۱
قلت : «يوم نحركم يوم صومكم» له أصل أصيل عندنا وإن لم يكن مسندا عن النبيّ صلى الله عليه و آله .

۰.فقد روى رئيس المحدّثين في خواتيم كتاب الحجّ في باب النوادر عن محمّد بن يحيى وهو أبو جعفر العطّار ، عن محمّد بن الحسين وهو ابن الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل وهو ابن بزيع ، عن الحسين بن مسلم ، عن أبى¨ الحسن الأوّل موسى الكاظم عليه السلام قال :«يوم الأضحى في اليوم الذي يصام فيه ، ويوم عاشوراء في اليوم الذي يفطر فيه» . ۲

۰.وقال شيخنا الشهيد ـ رحمه اللّه ـ في الدروس : «روى الحسين بن مسلم عن أبي الحسن عليه السلام :«يوم الأضحى يوم الصوم ، ويوم عاشوراء يوم الفطر» . ۳

فأمّا بيان الحديث فمن سبيلين :
أوّلهما : أن يُسار على المسير الظاهر ، فيعتبر يوم النحر موضوعا ويوم الصوم محمولاً ، وكذلك يوم عاشوراء موضوعا ويوم الفطر محمولاً ، ويرام في معناه أنّه إذا ما غُمّت عليكم الأهِلّة وكنتم متحيّرين في يوم نحركم وقد كان هلال شهر رمضان ثابتا عندكم ثمّ غمّت الأهلّة من بعده ، فما كان يومَ صومكم الثابتَ عندكم ، فاتّخذوه بعينه يومَ نحركم ، مثلا إذا كان أوّل شهر صومكم يومَ الجمعة ، فاتّخذوا يومَ الجمعة يوم نحر لكم ؛ وذلك لأنّ فرضكم أن تعتبروا شهر رمضان ثلاثين يوما ، فيكون يوم

1.حكاه ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۶۱ ؛ والطيّبي في الخلاصة في اُصول الحديث : ۵۳ .

2.الكافي ۴ : ۵۴۷ ، باب النوادر من كتاب الحجّ ، ح ۳۷ .

3.الدروس الشرعيّة ۱ : ۴۸۹ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2376
صفحه از 360
پرینت  ارسال به