67
الرواشح السماوية

«الآثار» جمع الأثر ـ بالتحريك ـ من قولك : أثرتُ الحديث ، إذا ذكرتَه عن غيرك ، وحديث مأثور ، ينقله خلف عن سلف ، ومصدره الأثْر بالتسكين .
و«الحديث» ـ ويرادفه «الخبر» بل «الأثر» أيضاً في الأشهَر الأعرف ـ أعمُّ من أن يكون قولَ النبيّ صلى الله عليه و آله ، أو الإمام عليه السلام ، أو الصحابي ، أو التابعين . وفي معناه فعلهم وتقريرهم .
وقد يخصّ الحديث بما عن المعصوم ، والخبرُ بما عن غيره ، فيقال للمشتغلين بالسنّة النبويّة ـ وما في حكمها ومعناها ، وهو ماجاء عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام ـ : المحدّثون ، ولمن عداهم : الخبريّون أو الإخباريّون ـ بالكسر ـ وربما يستصحّ أن يقال : الأخباريّون ـ بالفتح ـ تسويغاً للنسبة إلى الجمع من غير الردّ إلى المفرد . والأثر أعمُّ منهما مطلقاً .
وقد يجعل الحديث أعمَّ من الخبر مطلقاً . وبعضهم يجعل الأثر مساوياً للخبر ومرادفاً له . ومنهم من يقول : إنّما الحديث ما جاء عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، والأثر ما جاء عن الإمام عليه السلام أو الصحابي ، والخبر هو الأعمّ منهما .
وفي أصحابنا رضوان اللّه عليهم مَن يُؤْثِر هذا الاصطلاحَ ويخصّ الأثر بما عن الأئمّة عليهم السلام ، والمحقّق نجم الدين بن سعيد ـ رحمه اللّه تعالى ـ في مصنّفاته الاستدلاليّة كثيراً مّا يسير ذلك المسيرَ ، فأمّا رئيس المحدّثين ـ رضي اللّه تعالى عنه ـ فقد عنى ب «الآثار الصحيحة» أحاديثَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأوصيائه الصادقين صلوات اللّه عليهم .
فإن قلت : كيف يستقيم قوله : «الصحيحة» وما في الكافي كثيراً بل أكثريّاً من طرق موثّقة أو ضعيفة؟!
قلت : أمّا بناءاً على أنّه ومَن في طبقته من الأقدمين ـ رضوان اللّه تعالى عليهم ـ لهم فيما يروون طرق متعدّدة ، فيوردون الطريق الضعيف ولايكترثون ۱ له ؛ ثقةً بما

1.في حاشية «أ» و«ب» : «يقال : ما أكتَرِث له أي ما أُبالي به» . كما في القاموس المحيط ۱ : ۱۷۳ ، (ك . ر . ث) .


الرواشح السماوية
66

مقرّ العلم اليقيني والعرفان الحقيقي ، ومنكم مستودع في منزل الاعتقاد الذي قصاراه ۱ أن يكون شبهَ اليقين ، وشبيهَ العقل المضاعف ، مع أنّكم كلَّكم مُنشأون من نفس واحدة ، هذا على تفسيره وتأويله عليه السلام .
وفي الكشّاف :
مَن فتح قافَ «المستقرِّ» ، كان «المستودع» اسمَ مكانٍ مثلَه أو مصدراً . ومن كسرها ، كان اسمَ فاعلٍ ، و«المستودع» اسمَ مفعول ، والمعنى : فلكم مستقرّ في الرحم ، ومستودع في الصلب ، أو مستقرّ فوق الأرض ، ومستودع تحتها ، أو فمنكم مستقِرّ ، ومنكم مستودع ، قال : فإن قلت : لم قيل : «يعلمون» مع ذكر النجوم و«يفقهون» مع ذكر إنشاء بني آدم؟ قلت : كأنّ إنشاءَ الإنس من نفس واحدة ، وتصريفَهم بين أحوال مختلفة ألطفُ وأدقّ صنعةً وتدبيراً ، فكان ذكر الفقه ـ الذي هو استعمال فطنة وتدقيق نظر ـ مطابقاً له . ۲
قوله رحمه الله : (مَن تُذاكره وتفاوضه) .
مفاوضة العلماء : محادثتهم ومذاكرتهم في العلم ، مفاعلة من التفويض بمعنى المشاركة والمساومة ۳ كأنّ كلّ واحد من المتفاوضَيْن يردّ ما عنده إلى صاحبه ويأخذ ما عند صاحبه . قيل ۴ لدَغْفَل بن حنظلة النسّابة من بني شيبان : بم ضبطت ما أرى؟ قال : بمفاوضة العلماء . قيل : ما مفاوضة العلماء؟ قال : كنت إذا لقيت عالماً أخذت ما عنده وأعطيته ما عندي .
قوله : (بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام) .

1.في حاشية «أ» و «ب»: «قُصاراك ـ بالضمّ ـ وقَصاراك ـ بالفتح ـ أي غايتك ، وآخر أمرك، وما اقتصرت عليه» كما في لسان العرب ۵: ۹۷ ، (ق . ص. ر).

2.الكشّاف ۲ : ۵۰ ـ ۵۱ ، ذيل الآية ۹۸ من الأنعام .

3.في حاشية «أ» و«ب» : «المساومة : المحادثة بين البائع والمشتري على السلعة ، وفصل ثمنها ، يقال : سام يسوم سوماً» . النهاية في غريب الحديث والأثر ۲ : ۴۲۵ ، (س . و . م) . وفيها «المساومة : المجاذبة» بدل «المساومة : المحادثة» .

4.في حاشية «أ» و«ب» : «القائل له معاوية بن أبي سفيان» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2317
صفحه از 360
پرینت  ارسال به