قولهُ : ( الذي لابدء لأوّليّته ، ولا غاية لأزليّته ) .
لارتفاعه عن الأزمنة والزمانيّات ، كارتفاعه عن الأمكنة والمكانيّات ؛ وحيث لم يكن مكانيّا كانت نسبته إلى الأمكنة واحدةً ، وحيث لايكون زمانيّا تكون نسبته إلى الأزمنة واحدةً ، فتسوَّى عنده البدءُ والغاية ، والأوّل والنهاية ، فأوّله أبد ، وأبَدُه أزل بحسب الزمان ، كما علوّه دنوّ ، ودنوّه علوّ بحسب المكان ، فهو الأوّل والآخر .
قولهُ : (القائم قبل الأشياء ، والدائمِ الذي به قوامها) .
يعني أنّه تعالى قائم بذاته لابغيره ؛ لأنّه واجب الوجُود ، ولو قام وجُوده بغيره ، لكان ممكنا مفتقرا إلى الغير ، وهذه القبليّة قبليّة بالذات .
قولهُ : (القاهرِ الذي لايؤوده حفظها) .
أي لايُثقله ولايشقّ عليه حفظ الأشياء ، يقال : آده يؤُوده : إذا أثقله ، ۱ وفي إيراد صفة القهر هنا إشارة إلى الدليل على كونه ممّا لايُتعبُه ولايَكلّه حفظ الأشياء ؛ لأنّ إيجاده وإدامته لها على سبيل الرشح والفيض ، لا على وجه الاستكمال كما في غيره من الفاعلين ؛ إذ ما من فاعل غيره إلاّ ويفعل لغرض زائد على ذاته ، ويستكمل في فاعليَّته بذلك الغرض الذي يعود إليه وينفعل منه ، والانفعال يلزم التعب والكلال .
قوله : (تفرّد بالملكوت ، وتوحّد بالجبروت) .
«الملكوت» فَعَلوت من الملك ، كما الرَغَبوت من الرغبة ، والرَهَبوت من الرهبة ، والرَحَموت من الرحمة ، والجبروت من الجبر والقهر ، ومنه الحديث : «سبحان ذي الجبروت» ۲ و«الملكوتُ» من صِيغ التكثير ، وأبنية المبالغة . ومنه يقال له : ۳ ملكوتُ العراق .
وأمّا «مَلْكُوَةٌ» ـ بتسكين «اللاّم» بين «الميم» المفتوحة «والكاف» المضمومة قبل