299
الرواشح السماوية

من يقول بذا غير قائل بذاك .
ومنها : «مفهوم الغاية» . وما قال شيخنا في الذكرى ـ : «أنّه راجع إلى الوضعي» ۱ ـ غير مستبين السبيل ، وهو أقوى من مفهوم الشرط ، ومن لايقول بحجّيته لايعتدّ بقوله . فإذا قيل ـ مثلاً ـ : «يصام» أو «لايؤكل ولا يشرب في الصوم حتّى يغيب الشمس» كان لامحالة معناه : آخِرُ وجوب الصوم ، أو : آخر حرمة الأكل والشرب في الصوم غيبوبة الشمس ، فلو قدّرنا ثبوت الوجوب أو الحرمة بعد ما غابت ، لم تكن الغيبوبة آخرا وذلك خلاف صراح المنطوق .
وقد يقال : الكلام في الآخِر نفسِه ، لافيما بعد الآخر ، ففي قوله عزّوعلا : «إِلَى الْمَرَافِقِ» ۲ «المرافقُ» آخِرٌ ، وليس ما بعد المرافق في حريم النزاع .
وفي حزبٍ أُولي تدقيقِ النظر مَن ۳ قال : التحقيق يستدعي تفصيلاً ، وهو أنّ الغاية إمّا أن تكون منفصلةً عن ذي الغاية حسّا ك «الليل» في قوله تعالى : «أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ» ، ۴ فإنّه غاية لزمان الصوم ، وهو منفصل عن ذلك الزمان حسّا ، أو لاتكون كذلك ك «المرفق» في قوله : «فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» ۵ فإنّه غاية لليد ، غيرُ منفصل عنها حسّا . والقسم الأوّل يقتضي أن يكون حكم ما بعد الغاية خلافَ ما قبلها ؛ لأنّ انفصال أحدهما عن الآخر معلوم حسّا ، والقسم الثاني لايقتضي ذلك ؛ لأنّ «المرفق» لمّا لم يكن منفصلاً عن اليد حسّا لم يكن تعيُّنُه ؛ لكونه غايةً أولى من سائر مفاصل اليد ، فلايجب خروجه عمّا قبله .
قلت : إنّما حريم البحث دخول ما بعد الغاية في الحكم بالذات وعلى القصد

1.البقرة (۲) : ۱۸۷ .

2.ذكرى الشيعة ۱ : ۵۴ .

3.المائدة (۵) : ۶ .

4.في حاشية «ب» : «المراد الشارح العبري» .


الرواشح السماوية
298

في المعلوفة زكاة ، قال به الشيخ ، ۱ وإليه ذهب الشافعي ۲ ومالك ۳ وأحمد بن حنبل ۴ وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ، والقاضي الباقلاني ، وابن شريح ، والقفّال ، والغزالي وجماهير المعْتزلة . ۵
وقال أبو عبداللّه البصري :
إنّه حجّة لا على الإطلاق ، بل في ثلاث صور لاغير . إحداها : أن يكون الخطاب للبيان كما أنّه صلى الله عليه و سلمقال : «خذ من غنمهم صدقة» . ثمّ بيّنه بقوله : «الغنم السائمة فيها زكاة» .
وثانيتها : أن يكون لتعليم الشرع وتمهيد السنّة ، كما في خبر التحالفِ عند التخالف والسلعةَ قائمة . وهو قوله صلى الله عليه و آله : «إن تخالف المتبايعان في القدر والصفة ، فليتحالفا وليترادّا» .
وثالثها : أن يكون ما عدا الصفة داخلاً في ما له الصفة ، كأن يقول : «أحكم بشاهدين» فإنّه يدلّ على عدم الحكم بشاهد واحد ؛ لدخوله فيهما . ۶
ومنها : «الشرطي» كقوله سبحانه : «وَ إِن كُنَّ أُوْلَـتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» . ۷ وقولِه صلى الله عليه و آله : «إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا» . ۸ والحقّ أنّه حجّة ؛ تحقيقا لقضيّة الشرط ، وهو أقوى من مفهوم الصفة ، فكلّ من قال بذاك فقد قال بذا ، وبعض

1.الخلاف ۲ : ۵۱ ـ ۵۲ ، المسألة ۶۱ .

2.المجموع ۵ : ۳۵۸ .

3.بداية المجتهد ۱ : ۲۴۴ .

4. وأبو الحسن الأشعري ، . راجع الخلاف ۲ : ۵۱ ـ ۵۲ ، المسألة ۶۱ . وجماعة من الفقهاء والمتكلّمين ، وأبو عبيد ، وقوم من أئمّة العربيّة ، ونفاه السيّد المرتضى ، والمحقّق والعلاّمة لم نعثر على ما حكاه عنهم المصنّف ، بل عثرنا علي خلاف ما ذكره انظر المعتبر ۲ : ۵۰۶ ، قال فيه : «إنّه قول العلماء كافّةً إلاّ مالكا» . وفي الجواهر ۱۵ : ۹۹ قال : «فلاتجب الزكاة في المعلوفة إجماعا بقسميه» .

5.حكاه عنهم الشهيد في القواعد والفوائد الأُصولية : ۲۸۷ .

6.حكاه عنه في إرشاد الفحول : ۳۰۶ ـ ۳۰۷ ؛ والقواعد والفوائد الأُصولية : ۲۸۷ .

7.الطلاق (۶۵) : ۶ .

8.عوالي اللآلئ ۱ : ۷۶ ، ح ۱۵۶ و ۲ : ۱۶ ، ح ۳۰ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2330
صفحه از 360
پرینت  ارسال به