297
الرواشح السماوية

فانفجرت ، وضَربَ فانفلق .
ومن لحن الخطاب دلالة : «أعتق عبدك عنّي» على «أدخِله في ملكي فأُعتِقَه عنّي» لكون العتق فرعَ الملك ، وكذلك : «أعتقه عنّي على ألف» أي «ملّكه لي على ألف فأُعتقَه عنّي» . وألحق ذلك بعضهم بباب المفهوم دون المنطوق . وليس بصواب .
ثمّ منهم من ۱ جعلها ممّا يلزم المفهومَ عن المفرد ، وهو «أعتق» لا عن المركّب وهو مجموع «أعتقه عنّي» .
الثالث : «فحوى الخطاب» وهو ما دُلَّ عليه بالتنبيه . ويُشترط فيه أن يكون المسكوت عنه أولى بالحكم ، ولذلك يسمّى التنبيهَ بالأدنى على الأعلى .
والتحقّق أنّه إنّما يكون حجّة إذا كان التعليل والأُولويّة قطعيّين ، كما في الضرب بالنسبة إلى التأفيف في قوله الكريم سبحانه : «وَلا تَقُلْ لَهُما اُفٍّ» ، ۲ لا مطلقا ، كما قال الشافعي : «إذا كان اليمين غيرُ الغموس توجب الكفّارة ، فالغموس أولى» . ۳
وممّا قد عُدّ من فحوى الخطاب دلالة قوله سبحانه : «حتّى يتَبيَّن لَكُم الخَيطُ الأَبيضُ مِنَ الخَيطِ الأسوَدِ منَ الفَجر» ۴ على جواز الإصباح جُنُبا ، وعدمِ إفساده للصوم .
ومنهم من أدخلها في باب دلالة الإشارة ؛ لأنّ جواز الإصباح جنبا لم يُقصد بالآية ، ولكن لزم من المقصود فيها ، وهو جواز استغراق الليل بالرفث والمباشرة .
والحقّ هو الأوّل .
الرابع : «دليل الخطاب» ويسمّى المفهومَ .
والمفاهيمُ منها : «الوصفي» وهو تعليق الحكم على أحد وصفي الحقيقة مثل : «أكرم بني تميم الطِوالَ» . ومنه قوله صلى الله عليه و آله : «في سائمة الغنم زكاة» . ۵ يفهم منه أن ليس

1.في حاشية «ب» : «واختارها البيضاوي في المنهاج» .

2.الإسراء (۱۷) : ۲۳ .

3.لاحظ المجموع في شرح المهذّب ۱۸ : ۱۰ ، كتاب الأيمان .

4.البقرة (۲) : ۱۸۷ .

5.سنن أبي داود ۲ : ۲۲۱ ، ح ۱۵۶۷ ، الباب ۴ ؛ الخلاف ۲ : ۵۱ ـ ۵۲ ، المسألة ۶۱ .


الرواشح السماوية
296

وأمّا أصالة بقاء ما كان ـ وتسمّى استصحابَ حال الشرع ، وحالِ الإجماع في محلّ الخلاف ، كصحّة صلاة المتيمّم ، فيقال : طهارته معلومة والأصل عدم طروء البطلان ، أو صلاته صحيحة قبل الوجدان ، فكذا بعده ـ فقد اختلف في حجّيّتها ، وحيّز القول فيه علم الأُصول . ولقد حقّقنا الأمر في غير موضع واحد .
والضرب الآخر ما يتوقّف قضاء العقل فيه على ورود الخطاب ، وله أقسام عدّة .
الأوّل : «مقدّمة الواجب المطلق» ، شرطا كانت أو وُصْلةً ، وعقلاً كانت أو شرعا أو عادةً ، ولا كذلك لازم الواجب ؛ إذ الأمر بالشيء لايكون عِرْوا عن استيجاب الأمر بما يتوقّف عليه ذلك الشيء توقّفا بالذات ويتأخّر عنه تأخّرا بالطبع ، إمّا بحسب حكم العقل ، أو من تلقاء الشرع ، أو من سبيل العادة بتّةً ، ولازم الواجب بما هو لازم الواجب لايكون متقدّما على الواجب تقدّما بالذات أصلاً ، بل الواجب متقدّم عليه بمرتبة ذاته وإنْ كان لايكون منسلخا عن صحابته في الوجود .
وبالجملة : المأمور به بالذات وعلى الحقيقة ما يكون الأمر تاجِها إليه بالحقيقة ، سواء كان هو نفسَ المأمور به ، أو في مرتبة ذاته وقبل مرتبة ذاته قبليّةً بالذات ، لاما يتوجّه الأمر إليه لا بالذات ، بل بالعرض من حيث صحابته للمأمور به ولزومه له في الوجود .
وهذا مسلك دقيق وفجّ عميق ، وأُفقٌ خافق ، وباب صافق قد التبس الأمر فيه على فريق جمّ من المحصّلين من أصحابنا رضوان اللّه تعالى عليهم ، ومن علماء العامّة فضلاً عن الخارجين عن سبيل التحصيل . ولكنّي قد أُوضحت سبيله في كتبي وكلماتي وزُبُري وتعليقاتي بإذن اللّه سبحانه ، ومن هناك ينحلّ تشكيك الكعبي في نفي المباح .
الثاني : «لحن الخطاب» ، وهو ما استفيد من المعنى الملحون إليه ضرورةً من غير أن يكون ملفوظا به ، كما في قوله عزّ قائلاً : «أنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا» ۱ و «أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ» . ۲ فالمعنى المراد : فضرَبَ

1.البقرة (۲) : ۶۰ .

2.الشعراء (۲۶) : ۶۳ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2340
صفحه از 360
پرینت  ارسال به