الراشحة التاسعة والثلاثون
[ في أقسام موارد حكم العقل ]
أدلّة العقل إمّا أن تكون متعلّقةً بالعقود الاعتقاديّة ، والعقائد الإيمانيّة ، أو بالأحكام الشرعيّة ، من الخطابات التكليفيّة والوضعيّة .
والأوّل يكون العقل فيه لامحالة مستبدّا بإفادة العلم ، وإيجاب الاعتقاد من دون تعلّق بسمع .
وأمّا الثاني فعلى ضريبن . أحدهما : ما ينفرد به العقل من غير توقّف على الخطاب ، وهو ما يستفاد من قضيّة العقل من الأحكام الخمسة كوجوب ردّ الوديعة ، وحرمة الظلم ،واستحباب الإحسان ، وكراهية منع اقتباس النار ، وإباحة تناول المنافع العامّة الخالية عن وجوه المضارّ . وكلٌّ من هذه قد يكون بضرورة الفطرة ، كما حُسن الصدق النافع ، وقبح الكذب الضارّ . وقد يكون باقتناص النظر ، كما قبح الصدق الضارّ ، أو حسنه ، وحسن الكذب النافع ، أو قبحه ، وكذلك حال ردّ الوديعة مع الضرر .
وورود السمع في أقسام هذا الضرب جميعا مؤكّد .
ويلتحق بهذا الباب استصحاب حال العقل ، ويعبّر عنه بأصل البراءة عند عدم دليل ، كنفي الغسلة الثالثة في الوضوء ، والضربة الزائدة في التيمّم وهو عام الورود .
وقد ورد التنبيه عليه في الحديث بقولهم عليهم السلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه فتدعه» . ۱ وإليه مرجع لادليل على كذا ، فينتفي . وكثيرا مّا يستعمله الأصحاب ويستتمّ عند التتبّع التامّ ، وكذا الأخذ بالأقلّ عند فقد دليل على الأكثر ، كدية الذمّي عندنا ؛ لأنّه المتيقّن فيبقى الباقي على أصل البراءة منه .