233
الرواشح السماوية

إلى كلام مثلاً على الإطلاق ، ولم يبيّن على البتّ أنّ ذلك على أيّ وجه ومن أيّ سبيل؟ ـ قولُهم : ۱
«اَمَيْدِيٌّ أم مَرجول» .
وتحقيق أصل هذا القول وسبيلُ تحصيله غير مستبين لهؤلاء الأقوام أصلاً ، مع أنّه مذكور في صحاح الجوهري حيث قال : «تقول ـ إذا وقع الظَبي في الحِبالة ـ : أمَيْدِيٌّ أم مَرجول؟ أي أَوَقعتْ يدُه في الحباله أم رجله؟» . ۲
وبالجملة : «المَيْدِيُّ» مَن أنت أصبت يَدَه ، أو من أصاب يدَه شيء ، أو عرضتْ ليده آفة ، وكذلك «المرجول» مَن أصبتَ رِجله ، أو أصابها شيء ، أو أيِفَتْ بآفة .
كما المَمْثون ـ بالثاء المثلّثة ـ مَن مَثَنْتَهُ أي أصبتَ مثانته ، أو الذي يشتكي مثانته . ومنه في الخبر عن عمّار بن ياسر أنّه صلّى في تُبّان قال : «إنّي مَمثون» . ۳
والمَلْسون مَن لَسَنْتَه ، أي أخذته بلسانك ، أو أصبت لسانَه ، أو أصابَ لسانَه شيء ، ومن هناك قالوا : الملسون : الكذّاب .
و«المَيْدِيّ» و«المرجول» و«الممثون» و«الملسون» متكرّرة الورود في الأخبار .
ومنها : في كتابي الأخبار : التهذيب والاستبصار في حديثٍ مسند من طريق عليّ بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «كأنّي أنظر إلى أبي وفي عنقه عُكْنَةٌ وكان يُحفي رأسه إذا جزّه» . ۴ بإهمال الحاء من الإحفاء بمعنى الاستقصاء والتبالغ ، كما في الحديث : «أمر أن تُحفى الشوارب» . ۵ أي يُبالَغ في قصّها .
وفي حديث السواك : «حتّى كِدْتُ أُحفي فمي» . ۶ أي أستقصي على أسناني

1.مبتدأ مؤخّر وقوله : «من الدائر» خبر مقدّم .

2.الصحاح ۶ : ۲۵۴۰ ، (ى . د . ي) .

3.رواه في النهاية في غريب الحديث والأثر ۴ : ۲۹۷ ، (م . ث . ل) .

4.تهذيب الأحكام ۱ : ۶۲ ، ح ۱۶۹ ، باب في صفة الوضوء . . . ؛ الاستبصار ۱ : ۶۲ ـ ۶۳ ، ح ۸۸ ، الباب ۳۶ .

5.الدرّ المنثور ۱ : ۲۷۶ ، ذيل الآية ۱۲۴ من البقرة . مع تفاوت أدنى . ورواه بلفظه النهاية في غريب الحديث والأثر ۱ : ۴۱۰ ،(ح . ف . ا) .

6.الدرّ المنثور ۱ : ۲۷۷ ، ذيل الآية ۱۲۴ من البقرة ؛ ورواه في النهاية في غريب الحديث والأثر ۱ : ۴۱۰ ، (ح . ف . ا) .


الرواشح السماوية
232

والمُلفِج ـ بكسر الفاء ـ الذي أفلس وعليه دَين .
هذا قوله بألفاظه . ۱
وجمهور بني هذا العصر عن دقائق هذه النكات في ذهول عريض . ومن حيث أدريناك استبان لك سبيل الأمر في قوله عزّ من قائل : «وَالْمُحْصَنَـتُ مِنَ النِّسَآءِ» . ۲ على قراءة الفتح والكسر ، وأنّ تجشّم بعض ۳ المفسّرين هنالك خارج عن السبيل ، وبَسْط القول فيه يُطلَب من حيّزه في معلّقاتنا .
ومنها : في الصحيفة الكريمة السجّادية في دعاء العافية : «ومن شرّ كلّ مترَفٍ يد» . ۴
زلّ فيه بعض من لم يُؤْتَ قسطا وافرا من التمهّر في العلوم ، فحمله على صيغة الفاعل وحسبه بمعنى المسرف ، فنبّهتُه على هَفْوته وقلت : الصيغة على البناء للمفعول كما في التنزيل الكريم والقرآن الحكيم في مواقعَ أربعةٍ ، وبيّنت مَغزاها الصريحَ ومعناها الصحيحَ من سُبُلٍ ثلاثة ، قد اُوضحَتْها معلّقاتُنا على الصحيفة المكرّمة فليرجع إليها .
ومنها : في كتب أصحابنا والفقهاء من العامّة في كتاب الأيمان في باب التورِية : «لو حلف لايأخذ جَمَلاً ، وعنى به السحاب جاز» . ومساغ ذلك التسويغ ، ومساقه ما ورد في التنزيل الحكيم من قوله عزّ قائلاً : «أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الاْءِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» ؛ ۵ حيث ذهب المفسّرون في تفسيره ـ على أحد الوجهين ـ إلى أنّ المراد بها السحاب على الاستعارة من جمل الاستقاء وبعير الراوية . فبنو العصرِ من جماهير القاصرين إذ لم يتعرّفوا السرّ صحّفوا «الجيم» هنالك «بالحاء» المهملة .
ومنها : من الدائر على ألسنة العلماء ـ إذا ما تحقّق ثبوت أمر ، أو تطرّق الغلط

1.النهاية في غريب الحديث والأثر ۴ : ۲۵۹ ـ ۲۶۰ ، (ف . ل . ج) ومعنى «لف» هو باب اللام مع الفاء .

2.النساء (۴) : ۲۴ .

3.في حاشية «أ» : وهو البيضاوي .

4.الصحيفة السجّاديّة : ۱۲۶ ، الدعاء ۲۳ .

5.الغاشية (۸۸) : ۱۷ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2239
صفحه از 360
پرینت  ارسال به