187
الرواشح السماوية

والصحيح أنّ الضبط ـ وهو في الاصطلاح كون الراوي متحفّظاً ، متيقّظاً غيرَ مغفَّل على لفظ اسم المفعول من التفعيل لا على لفظ اسم الفاعل من الإغفال كما توهّمه بعض المغفَّلين من العامّة ومن الخاصّة ـ ليس من شرط أن يكون الحديث حسناً أو ۱ موثّقاً على قياس الأمر في الصحيح . بل إنّ ذلك فيهما من المكمّلات والمرجّحات .
وربّما يجعل كلّ من تلك الأقسام بحسب الكمال والنقص على درجات ثلاث . واستقصاء القول هنالك مضمون لك في معمول لنا في الدراية إن شاء اللّه سبحانه .
وأمّا القويّ ـ وهو القسم الرابع ـ فلا يتصحّح فيه درجات متفاوتة بالقوّة والضعف إلاّ بتفاوت درجات الإيمان قوّةً وضعفاً عند من يقول : إنّ اليقين قابل للشدّة والضعف .
وفي الحديث الضعيف والعمل به وروايته من دون بيان ضعفه أقوال :
فالأشهر الذي عليه الأكثر من أصحابنا ومن العلماء العامّيّة : أنّه يجوز ذلك في نحو المواعظ ، والقصص ، وفضائل الأعمال الواجبة ، وسنن الأذكار المندوبة والأفعال المستحبّة .
وبالجملة ، في العبادات المندوبة مثوباتُها ، لا في صفات اللّه تعالى وأسمائه وأفعاله وسائر المعارف الربوبيّة والعقائد الإيمانيّة ، ولا في أحكام الحلال والحرام من أقسامها الخمسة التكليفيّة ، والثلاثة أو الأربعة أو الخمسة أو الستّة الوضعيّة .
يقال : وفي حريم التسويغ حيث لايبلغ الضعف حدَّ الوضع والاختلاق ؛ قاله قوم من العامّة ورهط من أصحابنا ، ولا اعتداد بجدواه ؛ إذ الموضوع المختلَق إذا ثبت كونه موضوعاً مختلقاً خرج عن المقسم رأساً ، وإلاّ كان في حريم التسويغ بَتَّةً .
وذهب فريق قليلون إلى المنع عن العمل به وروايته لا على التصريح بالضعف مطلقاً.
وفي إزائهم فِئون مجيزون مطلقاً في الأحكام وغيرها ولكن حيث يكون له

1.في حاشية المخطوطة : «أو ، هنا تنويعيّة لاترديديّة. (منه دام ظلّه العالي)».


الرواشح السماوية
186

وإذ نسبة الطريق إلى ما يترتّب عليه من الأقسام تُشبه نسبةَ مقدّمتي القياس الميزانيّ إلى النتيجة من وجه ، فكما النتيجة تتبع أخسَّ المقدّمتين ، فكذلك كلّ من الأقسام الأربعة بعد الصحيح الشريف على الإطلاق يتبع أخسَّ مَن في الطريق . فإذا كان في رجال السند واحد مثلاً عدلاً فاسدَ المذهب وواحد إماميّاً مسكوتاً عن مدحه وذمّه ، وسائر السند جميعاً على استجماع وصفي الإماميّة والعدالة فعلى قول من يجعل الموثّق أعلى وأرجحَ من القويّ يكون الحديث قويّاً ، وعلى رأي من يعكس يكون موثّقاً ؛ لكون مَن عدا الذي به الطريق قويّ أو موثّق على هذا التقدير أعلى منزلةً وأرجحَ مرتبةً ممّا قد اعتُبر في حدّ أحدهما ، فلا يكون في إدراجه في أحدهما اهتضامٌ لجانب الدين ، وإهمال لجهة الاحتياط ، وتساهلٌ في اعتبار حال الرواية وحينئذٍ لايلزم اختلاط ۱ الحصر باحتمال حصول قسم سادس كما ربما يقع في بعض الأذهان .
وكذلك إذا كان واحد في السند عدلاً غيرَ صحيح العقيدة ، وواحدٌ إماميّاً ممدوحاً غير منصوص عليه بالتعديل ، ومَن عداهما مستجمع نصَّ التوثيق ووصف الإماميّة ، فمن يقول : الحَسَن أعلى وأشرفُ من الموثّق يعتبرْ موثّقاً ، ومَن يعكس يجعله حَسَناً . ولا هناك لجانب الاحتياط في الدين إهمال ، ولا في أقسام القسمة الأُولى الأصليّة حصول قسم سابع .
ولكلّ من الأقسام الخمسة إلاّ القسم الرابع ـ وهو القويّ ـ درجات متفاوتة تفاوتاً تشكيكيّاً بالشدّة والضعف ، والكمال والنقص ، فصحيحة الإماميّ الثقة الفقيه العالم المتقِن الضابط الورع الزاهد ـ كأبانِ بنِ تغلبَ بن رباح ، وزرارة بن أعين الشيباني ، وزكريّا بن آدم بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمّي زميل الرضا عليه السلاممن المدينة إلى مكّة ـ أصحُّ وأرجحُ وأشدُّ صحّةً وأقوى رجحاناً من صِحاح مَن نقص في بعض الأوصاف . وعلى ذلك يقاس الأمر في سائر الأقسام .

1.كذا . والظاهر : الاختلال .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدباقر حسین استرآبادی، تحقیق: نعمت الله جلیلی، غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2236
صفحه از 360
پرینت  ارسال به