91
الرّسائل الرّجاليّه

تزكية الراوي ، والمحقّق المفصّل جرى على كون تزكية الراوي مبنيّةً على الأخذ بالمرتبة العليا) ۱ ، فلا مجال للتفصيل المشار إليه في تزكية الراوي .

[ جوابٌ آخَر من وجهين ]

وقد يجاب أيضا بأنّ المدار في التوثيقات إنّما هو على قول العلماء المعتمدين والمشاهير المطّلعين على سرّ اشتراط العدالة ، ولا شكّ أ نّهم عالِمون بما يُخِلُّ بها بحيث يوجب ردّ حديث صاحبها ، بل لا يراد ۲ بالعدالة هنا إلاّ أمر معلوم لا يجوز التجاوز عنه ، بل المراد بها ما يتوقّي بها صاحبُها عمّا يوجب الاختلاف في المقال ، وذلك أمر مختلف باختلاف الناس والأحوال ، وإنّما عُرّفت العدالة بما عرفت بناءً على الغالب .
والظاهر أنّ المقصود به الجواب من وجهين :
أحدهما : أنّ أربابَ التوثيقِ المتصدّين له أشخاصٌ معتمَدون معروفون ، عارِفون باشتراط العدالة في الرواية وبالأُمور المخلّة المنافية للعدالة ، والموجبة لردّ الرواية ، فهُمْ يلاحظون في التوثيقات جميعَ الأُمورِ المعتبرة في العدالة قطعا .
والآخَر : أنّ المقصود بالعدالة المشروطة في الراوي ليس ما هو المعنى المصطلح المعروف ، بل الحالة الرادعة عن الكذب الموجب لاختلال المقال بين الراوي والمروي عنه .
وهذه تختلف باختلاف الناس ، فبعضُ الأشخاص يكفي في إمساكه عن الكذب أدنى حالةٍ رادعةٍ ، وبعضهم يحتاج إمساكُه عن الكذب إلى حالة رادعة قويّة بواسطة قوّة الميل إلى الكذب ، كما أ نّها تختلف باختلاف الأحوال ، فربّ

1.ما بين القوسين ليس في «ح» .

2.قوله : «بل لايراد» مدار هذه الفقرة على إجمال المراد بالعدالة ، وتفسير الإجمال في الفقرة اللاحقة (منه عفي عنه) .


الرّسائل الرّجاليّه
90

اللغوي ـ فلا دلالة فيها على العدالة . وإن كان الغرض الاستعمال في العدالة والاعتماد معا ـ كما ربّما قيل ـ فيظهر ضعفه بما مرّ .
وسابعا : بأ نّه لو كان الوثوق لا يحصل بمجرّد حُسْن الظاهر ـ كما في ذيل الجواب المذكور ـ فلا حاجة إلى القول بكون المأخوذ في التوثيق هو العدالة بالمعنى الأعلى المحتاج إلى ارتكاب تكلّف تامّ وتجشّم تمام ، كما في صدر الجواب المذكور .
وثامنا : بأنّ دعوى كون المقصود بالتوثيق هو كون الشخص مجتَنِبا عن جميع المعاصي ـ كما في ذيل الجواب المذكور ـ بعيدة ، كيف وهذه المرتبة لا تتّفق إلاّ لأندر نادر ، والموثّقون في غاية الكثرة . وتاسعا : بأنّ مقتضى ذيل الجواب أنّ المقصود بالتوثيق هو ما يلزم العدالة ، ومقتضى صدر الجواب كون المقصود به نفس العدالة ، فالتنافي في البين بَيِّنٌ .
وعاشرا : بأ نّه كيف يتأتّى الاعتماد على مجرّد الاتّفاق في هذه المعركة العظمى من دون الاستناد إلى مدرك وثيق ، وسند سديد .
ثمّ إنّ المحقّق القمّي ۱ هو الأصل في الجواب المذكور كما مرّ ، والجواب المذكور منه ينافي ما اختاره في باب قبول الجرح والتعديل بدون ذكر السبب ، من التفصيل بين ما لو علم بموافقة مذهب الجارح والمعدّل لمذهب المجتهدِ ـ فيما يتحقّق به الجرح والتعديل ـ فالقبول ، وغيره فالعدم ؛ حيث إنّ مقتضى التفصيل المذكور بعدم القبول في صوره عدم علم المزكّي له بموافقة مذهب المزكّى لمذهبه.
إلاّ أن يقال : إنّ قوله في التفصيل المذكور بعدم القبول في صورة عدم علم المزكّي له بموافقة مذهب المزكّى منصرفٌ إلى ما لو لم تكن التزكية مبنيّةً على
الأخذ بالمرتبة العليا (ومنصبّ فيه ، إلاّ أن يقال : إنّ الغالب من أفراد التزكية إنّما هو

1.القوانين المحكمة ۱ : ۴۹۵ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6529
صفحه از 484
پرینت  ارسال به