89
الرّسائل الرّجاليّه

وإن قلت : إنّ مجرّد ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق لا حاجة إلى ذكره ورسمه .
قلت : إنّ كثيرا من أهل الإسلام ظاهر الفسق ، فليس حفظُ الأشخاص الظاهر منهم الإسلام ـ غير الظاهر منهم الفسق ـ غير محتاج إليه للمصنّف ، بناءً على اكتفائه في العدالة بمجرّد ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق وإن كان مجرّد ظهور الإسلام لاحاجة إلى رسمه .
نعم ، لو كان المقصود ب «ثقة» هو العدالة ـ بمعنى مجرّد ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفِسْق ـ لكان على من ارتكب التوثيق أن ينبّه على مراده ، إلاّ أ نّه لو كان المقصود هو المعنى المتجدّدـ أي العدالة ولو بالمعنى الأعمّ ـ لكان على أرباب الرجال التنبيه على الاصطلاح ، ولم يصدر من أحدٍ منهم ، مع أنّ كلاًّ منهم يصرّح [ في ] أوّل كتابه باصطلاحاته لو كان له اصطلاحٌ ، بل كلُّ مصَنّف في كلّ فنّ لو كان له اصطلاح ينبّه على اصطلاحه مُفْتَتَح كتابه .
وخامسا : بأنّ المحقّق السبزواري نفى القول بالمَلَكَه ممّن تقدّم على العلاّمة وقال : «إنّ الظاهر أنّ العلامّة اقتفى في ذلك الكلام الرازي ومَنْ تبعه من العامّة» ۱ . والعلاّمة المجلسي نفى القول باعتبار المروّة عن كثير من القدماء ۲ ، فكيف يتّجه الأخذ بالتوثيق ممّن يقول بكون العدالة من باب المَلَكَة ، أو يعتبر المروّة في العدالة!؟
وسادسا : بأنّ دعوى عدم حصول الوثوق بمَن لا مروّة له قد صَدَرَ أيضا ممّن اعتبر المروّة في العدالة ، وقد زيّفناه في محلّه ، مضافا إلى ما تقدّم .
وبوجهٍ آخَر : إن كانت الوثاقة في «ثقة» مستعملةً في العدالة ، فلا دلالة فيها على المروّة بناءً على عدم اعتبارها . وإن كانت مستعملةً في الاعتمادـ وهو المعنى

1.كفاية الأحكام : ۲۷۹ .

2.البحار ۸۵ : ۳۰ و ۳۲ .


الرّسائل الرّجاليّه
88

[ في الإيراد على الجواب بعشرة وجوه ]

أقول : إنّ الجواب المذكور دائرٌ بين دفع الإشكال من جهة الاختلاف في معنى العدالة والاختلاف في اعتبار المروّة فيها ، والخلاف في كاشف العدالة ، والخلاف في عدد الكبائر . وما يُدفع به الإشكال من الجهة الأُولى يُدفع به الإشكال من سائر الجهات أيضا ، فما دفع به الإشكال في سائر الجهات من باب مزيد الجواب .
وكيف كان يتطرّق الإيراد على الجواب المذكور كما حرّرناه في الأُصول بوجوه عشرة :
فأوّلاً : بأ نّه لم يثبت كون «ثقة» في كلمات علماء الرجال مستعملة في العدالة بالمعنى المصطلح ، كما هو مبنى صدر الجواب المذكور .
وثانيا : بأ نّه لم يثبت كون النجاشي ـ مثلاً ـ عارفا بأحكام العدالة ومسائلها ، حتّى يتمكّن من أخذ المرتبة العليا للعدالة .
وثالثا : بأ نّه كيف يتمكّن النجاشي ـ مثلاً ـ على تقدير كونه عارفا بمسائل العدالة من أخذ المرتبة العليا للعدالة وإن كان مقصوده من توثيقاته انتفاع عامّة مَنْ تأخّر ، مع أنّ بعض الأقوال في الكبيرة قد حدثت في هذه الأعصار ۱ ، مع أ نّه من أين علم أنّ كتابه يصير مرجعا ومحلّ انتفاع عامّة مَنْ تأخّر حتّى يأخذ بما يوجب النفع لهم ، أي المرتبة العليا للعدالة .
ورابعا : بأنّ البناءَ في جميع الفنون على رسم الشخص معتقدَه في كتابه ، ألا ترى أنّ متون الفقه بل متون الفنون بحذافيرها لا تزيد على مختار المصنّف غالبا ، والمقصود بها انتفاع الغير أيضا ، فلا مجال للقول بلزوم أن يلغي مَنْ صنَّف في
الرجال معتقدَه ، ويجري على ما يوافق مذاق جميع مَنْ تأخّر عنه .

1.انظر غنائم الأيّام ۲ : ۳۳ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6741
صفحه از 484
پرینت  ارسال به