61
الرّسائل الرّجاليّه

لكنّك خبير بأنّ عدّ الكشّي ممّن يدلّ سكوته عن فساد العقيدة على حُسْنها يظهر ضعفه بما تقدّم، كما أنّ دلالة سكوت النجاشي ليست من قبيل دلالة سكوت غيره ممّن يدلّ سكوته عن فساد العقيدة على حُسنها لزيادة دلالته من جهة كون كتابه موضوعا لبيان الرجال الإماميّين كما مرّ حكايته . وهذه الجهة هي العمدة .
ومع هذا فما يدور عليه الرحى في تشخيص أحوال الرواة غالبا هو كلمات الإماميّين ، والظاهر من سكوتهم ۱ الإماميّة ، بل الغالب في الرواة الإماميّة ، فالإماميّة هي الأصل ، ففي موارد التوثيق بـ «ثقة» يمكن أن يكون بناء الفقهاء على الإماميّة بواسطة حمل المشكوك فيه على الغالب لا بتوسّط «ثقة» .
لكن يخدشه أ نّه لم يثبت حال الغالب إلاّ بالسكوت ، ففي موارد السكوت والتوثيق يدّعي مَنْ يقول بتطرّق الاصطلاح باستناد بناء الفقهاء على الإماميّة إلى التوثيق ، ولا مجال لاحتمال كون البناء مستندا إلى إلحاق المشكوك فيه بالغالب.
نعم ، لو كان إماميّة الغالب ثابتة بالتنصيص لكانّ ما ذُكر متّجها ، مضافا إلى كون كتاب النجاشي موضوعا لبيان الإماميّين فقط ، كما تُوهّم وقد تقدّم ، إلاّ أ نّه قد التزم أن يبيّن حُسْن الاعتقاد وفساده ، وهو قد أهمل بيان الاعتقاد في غاية الكثرة ، بل لم يتعرّض لبيان الإماميّة إلاّ نادرا ، نعم يتعرّض لبيان فساد العقيدة ، بل كثير ممّن لم يتعرّض لبيان عقيدته من الإماميّة ، فلابدّ أن تكون طريقته جارية على عدم التعرّض للإماميّة ، فسكوتُه ظاهرٌ في حُسْن المذهب ، وقد تقدّم هذا المقال والمنوال من الاستدلال ، فليس استفادة الإماميّة من الفهرست بتوسّط «ثقة» أيضا .
وبعد ما مرّ أقول : إنّه لا إشكال ولا كلام من أحدٍ في الحكم بحُسْن حديث الراوي وحُسْنِ مذهبه بمجرّد ذِكْرِه مَدْحَهُ في الفهرست مثلاً ، ولا إشكال في عدم دلالة ألفاظ المدح على الإماميّة ، فما يَكْفُل مؤونة حُسن المذهب في حُسْن الخبر

1.في «د» زيادة : «الموافقة في المذهب باعتراف القائل الظاهر من سكوتهم الإمامية» .


الرّسائل الرّجاليّه
60

الموافقة إلاّ لداعٍ كدَفْعِ توهّم متوهّمٍ ، وإنكار منكرٍ كان أو ربّما يكون لمخالطة ۱ الرجل بالعامّة أو غير ذلك .
والدليل عليه الاستقراء والتتبّع في كلمات أهل الرجال من العامّة والخاصّة ، وإنّا نراهم ساكتين عن ذكر المذهب فيمن نقطع بموافقة مذهبه لمذهبهم ، وذاكرين مخالفة مَنْ كان مشهورا بالمخالفة أو غير مشهور بها .
وكذا يذكرون عدم معلوميّة المذهب فيمن كان غير معلوم لهم ، بل هذا هو مقتضى القواعد ؛ حيث إنّ الغرض الأصلي لأهل الرجال من الخاصّة والعامّة بيان حال رجال رواياتهم الموجودة في كتبهم وفيما بين أصحابهم ، لا بيان حال رجال جميع الروايات .
ولذا ترى أنّ الغالبَ في رجالِ روايات كلِّ فريقٍ مَنْ هو منهم ، فيكون الغالب فيما هُمْ بصدد بيان حاله هو الموافقة ، فجعلها أصلاً ، والبناء على ذكر المخالفة وعدم العلم بالموافقة أولى من العكس ومن ذِكْرِهما معا ؛ لِما في ذلك من الاختصار المفقود في غيره .
فعلى هذا لو بنى أحدٌ كتابه في ذكر رجال روايات أهل الإسلام من الخاصّة والعامّة ، فالواجب ذكر الموافقة والمخالفة معا ، أو البيان على أحدهما والإشعار به ، وكذا لو وضع كلٌّ من الخاصّة والعامّة كتابه في بيان رجال الآخَر ، فالمناسب البناء على ما هو الغالب فيهم وذكر غيره ، فلو تصدّى من غير الإماميّة لبيان حال رواتهم ووضع كتابا فيه ـ مثل أنّ ابن عقدة مع كونه زيديّا جاروديّا قد ألّف كتابا في الرجال الذين رووا عن مولانا الصادق عليه السلامأربعة آلاف رجل ، وأخرج لكلّ رجلٍ الحديثَ الذي رواه كما في الخلاصة ۲ ـ فالمناسب ذكر المخالفة وعدم العلم بالموافقة ، كما هو طريقة أصحابنا .

1.في «د»: «ولمخالطة».

2.خلاصة الأقوال : ۲۰۳ / ۱۳ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6535
صفحه از 484
پرینت  ارسال به