51
الرّسائل الرّجاليّه

الدرايه حتّى أ نّه احتُمل أن يكون عدم توثيق الصدوق بواسطة عدم ثبوت ضَبْطه.
لكن نقول : إنّ مجرّدَ غَلَبةِ الذِكْر ـ التي يكفي في إحرازها الأصل ، أعني الضبط باصطلاح أهل الاُصول ـ يكفي في الظنّ بالصدق والصدور بناءً على حجّيّة مطلق الظنّ ، أو حجّيّة الظنون الخاصّة .
وأمّا الضبط بمعنى الإتقان ـ أعني الضبط باصطلاح أهل الدراية ـ فإنّما نحتاج إليه لو اعتبر الاطمئنان وغَلَبَة الظنّ بالصدور . ولا دلالة في لفظة «ثقة» على الضبط باصطلاح أهل الدراية أيضا بعد اشتراطه بشهادة بناء الفقهاء على صحّة الخبر لو كان التوثيق بغير «ثقة» وكذا على كون الخبر موثّقا أو حَسَنا أو قَويّا مع عدم دُخول الضبط بالاصطلاح المذكور في غير «ثقة» في باب الإمامي من ألفاظ تعديل الإمامي أو غير الإمامي وألفاظ المدح .
لكن نقول : إنّه لو بني على دخول الضبط في مدلول «ثقة» فالضبط باصطلاح أرباب الدراية أقرب بالدخول ؛ لكون مؤانسة أهل الرجال مع الدراية أزيد بمراتب شتّى من مؤانستهم مع الأُصول .
وبعْدُ يمكنُ القول بانصراف «ثقة» إلى الضابط ـ سواء كان المقصود به الوثاقة بالمعنى اللغوي، أو العدالة بالمعنى المصطلح ـ من باب انصراف المطلق إلى الفرد الشائع،فيستفاد الضبط من نفس اللفظ لا الخارج،إلاّ أ نّه إنّما يتمّ فيالضبط باصطلاح الاُصوليّين ، دون الضبط باصطلاح أرباب الدراية بناءً على اختلاف الاصطلاح .
بل يمكنُ القول بإناطة صدق «ثقة» بالضبط بناءً على كون المقصود به الوثاقة بالمعنى اللغوي ، بل هذا المقال مقتضى ما سَبَق من المشرق ۱ ، إلاّ أ نّه إنّما يتمّ أيضا في الضبط باصطلاح الاُصوليّين ؛ لعدم الوثوق بإخبار كثير السهو .
وأمّا الضبط باصطلاح أرباب الدراية بناءً على اختلاف الاصطلاح فهو إنّما

1.انظر مشرق الشمسين : ۳۹ .


الرّسائل الرّجاليّه
50

ولو قيل : إنّه لا بأس بكون المقصود بالضبط في معنى «ثقة» غير الضبط المشترط في حجّيّة خبر الواحد ، أعني الإتقان ، وهذا يحتاج إلى الثبوت .
قلت : إنّه لا دليل على اشتراط غير ما اشترط في حجّيّة خبر الواحد في الاُصول ، فيكفي أصالة الضبط بمعنى الإتقان ، ولا حاجة إلى ثبوت الضبط بمعنى الإتقان ، فلا حاجة إلى إفادة ثبوت الإتقان بلفظة «ثقة» .

[ الضبط في اصطلاح الاُصوليّين وأرباب الدراية ]

وبعد ما مرّ أقول : إنّ الظاهر اختلاف المقصود بالضبط ـ المشروط به حجّيّة خبر الواحد ـ في الاُصول والدراية ؛ إذ الضبط ـ المشروط به حجّيّة خبر الواحد ـ في الدراية فُسِّرَ بكون الراوي متيقّظا غيرَ مُغَفَّلٍ إن حَدَّثَ مِنْ حفْظه ، ضابطا لكتابه حافظا له من الغلط والتصحيف والتحريف إن حدَّث منه ، عارفا بما يختلّ به المعنى إن روى بالمعنى .
وذُكر أ نّه يُعرف ضبط الراوي بأن يُعتبر روايته برواية الثقات المعروفين بالضبط والإتقان ، فإن وافقهم في رواياته غالبا ـ ولو من حيث المعنى بحيث لا يخالفها أو تكون المخالفة نادرة ـ عُرِفَ كونه ضابطا ثبتا ، وإن وُجِدَ بعد اعتبار رواياته برواياتهم كثيرُ المخالفة لهم عُرِفَ عدمُ ضبطه .
وهذا ـ أعني جَعْل المعيار في تشخيص ضبط الراوي على اعتبار رواياته بروايات الثقات المعروفين ـ يرشد إلى الاختلاف ؛ حيث إنّ الضبط ـ بمعنى غَلَبة الذِكْر ـ لا حاجة فيه إلى التشخيص والثبوت ، بل يكفي فيه الأصل ، كما صرّح به بعضٌ ، كما مرّ .
فنقول : إنّ المقصود بالضبط في كلامِ أربابِ الدراية إنّما هو الإتقان الموجب للاطمئنان ، وهو أمر يحتاج إلى الثبوت ، وهو فوق الضبط باصطلاح الاُصوليّين ، كيف وغالبُ الناس من باب الضابط باصطلاح الاُصوليّين،بخلاف اصطلاح أرباب

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6859
صفحه از 484
پرینت  ارسال به