41
الرّسائل الرّجاليّه

أي لا يكونُ كثيرَ النسيانِ ، كما هو ـ أعني غلبة الذكر وعدم كثرة النسيان ـ حالُ أكثرِ أفراد نوع الإنسان .
وإليه يرجع التفسير بـ «أن لا يكون سهوه غالبا على ذكره ولا مساويا له» كما جرى عليه شيخُنا البهائي في مشرقه ۱ ، فالمرجع إلى غلبة بقاء المحفوظ ۲ في الخاطر ، أي حدّا معتدّا به في قبال الزوال بسرعة بعد التمكّن من الحفظ ، فليس الغرضُ البقاءَ مدّة العمر ، كيف! وما لا يبقى مدّة العمر أغلب ممّا يبقى .
ويرشد إلى ذلك ـ أعني ما ذُكِرَ في معنى الضبط ـ تفسيرُ الضبط من السيّد السند المحسن الكاظمي بقوّة الحفظ بأن يحفظَ ما سَمعَه غالبا ، ولا يزولُ ما حَفظَه بسرعة ۳ .
إلاّ أنّ علّة اشتراط الضبْط بالمعنى المذكور تقتضي اشتراط غلبة التمكّن من الحِفْظ بالأولويّة أو بالالتزام . ولعلّه الأظهر . ونظيره أنّ عدّ التوحيد من اُصول الدين يقتضي كون الإقرارِ بالاُلوهيّة من اُصول الدين بالالتزام .
والظاهر أنّ اشتراطَ خصوص غلبة الذكر من جهةِ كمال نُدرة عدمِ التمكّن من الحفظ أو عدم وقوعه .

1.مشرق الشمسين : ۳۹ .

2.ربّما اشترط الشهيد الثاني في الروضة في القاضي غلبة الحفظ ، ونقله عن الشهيد الأوّل ، والغرض الصيانة عن اختلال المرافعات كما في اشتراط الكتابة ، وربّما نسب الوالد الماجد إلى الشهيدين اشتراط الاجتهاد بغلبة الحفظ (منه عفي عنه) .

3.عدّه الرجال ۱ : ۱۰۴ .


الرّسائل الرّجاليّه
40

ومع هذا ، الاستقراء الكامل في كلمات أرباب الرجال ـ كما يأتي ـ يفيد الظنّ المتاخم للعلم ، بل العلم بكون المقصود بالوثاقة في «ثقة» هو المعنى اللغوي ، أعني الاعتماد ، ولم يقل أحدٌ بدلالة «ثقة» على الإماميّة ، أو الضبط بالانفراد أو الاجتماع .

[ أخذ الضبط في «ثقة» ]

نعم ، قال السيّد الداماد في الرواشح : «أمّا الضبط ، وهو كون الراوي متحفّظا مستيقظا غير مغفَّل ولا ساهٍ ولا شاكّ في حالتي التحمّل والأداءفمتضمّن في الثقة» ۱ .
لكنّ الظاهر أنّ المعنى الذي ذكره للضبط خارجٌ عن ۲ المعنيين المذكورين للضبط ، ومع هذا يأتي في كلٍّ من الضبط والإماميّة والعدالة ما يدلّ على عدم دلالة «ثقة» عليه ، ومقتضاه عدم تجدّد الاصطلاح .

[ الضبط المعدود من شرائط حجّيّة الخبر الواحد ]

وبعد ذلك أقول ۳ : إنّ الضبطَ المعدودَ من شرائطِ حجّيّة خبر الواحد يكون المقصود به ـ كما ينصرح من جماعة ۴ ـ أن يكونَ الراوي ذكْرُه ۵ غالبا على نسيانه ،

1.الرواشح السماويّة : ۱۱۷ ، الراشحة السادسة والثلاثون .

2.في «د» : «من» .

3.قوله : «وبعد ذلك أقول» إلى آخره ، إنّما قدّمنا الكلام في الضبط على الكلام في الإماميّة ، والكلام في الإماميّة على الكلام في العدالة ؛ لكون الكلام في الضبْط أقلّ من الكلام في الإماميّة ، والكلام في الإماميّة أقلّ من الكلام في العدالة ، وتقديمُ الكلام في الأخفِّ كمّا أو كيفا أوقع في النفسِ وأليَمْ بالطبيعة ، بل هو المتعارَفُ في التقرير والتحرير في عموم الفنون (منه عفي عنه) .

4.كالعراقي في ألفيّته ، وشارحها السخاوي في فتح المغيث ۱ : ۲۷۹ ، وانظر قوانين الاُصول ۱ : ۴۶۲ .

5.قوله : «ذكره» قد اشتهر في الناس أنّ الذِكْر باللسان ضدّ الإنصات ـ بالكسر ـ والذكرُ بالقلب ضد النسيان ـ بالضمّ ـ وهو المنقول عن جماعة منهم الفرّاء والكسائي ، لكن مقتضى ما في القاموس والمجمع أنّ الذكر ـ بالكسر ـ مطلقا ، وهو المحكيّ عن بعض الأواخر في بيان صفات القاضي ، وعن الماوردي عن بعض : أنّ الكسرة والضمّة لغتان لمعنى ، وهو ظاهر المصباح ، والمنقول في المصباح عن جماعة منهم أبو عبيدة وابن قتيبة ، ففي المقام أقوال ثلاثة (منه عفي عنه) . انظر المصباح المنير ۱ : ۲۰۸ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6760
صفحه از 484
پرینت  ارسال به