335
الرّسائل الرّجاليّه

وإن قلت : إنّ المَنع عن حجّيّة ظنّ المصحّح ليس من جهة عدم حجّيّته بنفسه مع قطع النظر عن حصول الظنّ منه للمصحّح له حتّى يورد بحجّيّة الظنّ الحاصل عن الظنّ المزبور للمصحّح له ، بل الغرض كون العمل بالتصحيح من باب التقليد ولو تحصّل الظنّ للمصحّح له .
قلت : إنّ التقليد غير صادق ، ولاسيّما بناءً على عدم اعتبار الظنّ في التقليد كما هو الحال في الرجوع إلى كلمات أرباب الرجال واللغة والتفسير ، ويظهر الحال بما مرّ .
كيف لا ، ولو كان الظنّ المتحصّل من التصحيح غير معتبر بعد الفحص لما كان الظنّ المُتحصّل من قول أرباب الرجال مُعتبرا أيضا بلا إشكال .
وإن قلت: إنّ الغرض عدم اعتبار الظنّ الحاصل من قول الفقيه الواحد للمجتهد بملاحظة الإجماع على عدم اعتبار الظنّ الناشئ من قول الفقيه الواحد للمجتهد .
قلت أوّلاً : إنّ الإجماع محلّ المَنع ، كيف وقد حكى الشهيد في الذكرى عن الأصحاب أ نّهم كانوا يتمسَّكون بفتاوى ابن بابويه في الشرائع عند إعواز النصوص ؛ لحسن ظنّهم به ، وأنّ فتواه كروايته ۱ .
وهذا لو لم يقتضِ الإجماع على الجواز ، فلا أقلّ من اقتضائه اشتهار القول بالجواز .
بل يُرشد إلى الجواز ذِكْر الصدوق فتاوى والده ـ أعني ابن بابويه ـ في رسالته إليه حيث إنّه قد تعهَّدَ في فاتحة الفقيه أن لا يورد فيه إلاّ ما يفتي به ويحكم بصحّته ويعتقد أ نّه حجّة فيما بينه وبين ربّه ۲ بناءً على عدم الرجوع عنه .
وقال في الذكرى عند الكلام في موالاة الوضوء : «وفي مَنْ لا يحضره الفقيه

1.ذكرى الشيعة ۱ : ۵۱ .

2.الفقيه ۱ : ۳ .


الرّسائل الرّجاليّه
334

عدلٌ» هل يكفي في العمل بروايته أم لاـ :
إذا عرفتَ هذا، فاعلم أنّ وصف جماعة من الأصحاب كثيرا من الروايات بالصحّة من هذا القبيل؛ لأنّه في الحقيقة شهادة بتعديل [ رواتها ]، وهو بمجرّده غير كافٍ في جواز العمل بالحديث ، بل لابدّ من مراجعة السند والنظر في حال الرواة ؛ ليؤمن من معارضة الجرح . وهو مقتضى مقالة مَنْ ينكر حجّيّة الظنّ الحاصل من الجرح والتعديل قبل الفحص ۱ .
وجرى السيّد الداماد على القول بذلك ؛ تمسُّكا بأ نّه يُمكن أن يكون التصحيح من العلاّمة وأمثاله بناءً على ما ترجّح عندهم في أمر كلٍّ من الرواة من جهة الاجتهاد ، فلا يكون حكمهم حجّة على مُجتهدٍ آخر ۲ .
ومقتضى مقالة مَنْ قال بجواز العمل بالجرح والتعديل قبل الفحص ـ كسيّدنا ـ هو القول هنا أيضا بالجواز .
ومقتضى مقالة السيّد السند المحسن الكاظمي ـ من التفصيل بين صورة الظنّ بالخلاف وغيرها بوجوب الفحص في الأوّل ، وعدمه في الثاني ۳
ـ هو التفصيل هنا بين صورة الظنّ بعدم الصحّة وغيرها ، بالجواز في الثاني ، دون الأوّل .
ويظهر تحقيق الحال بما تقدَّمَ من الكلام في جواز العمل بالجرح والتعديل قبل الفحص .
وأمّا ما تمسَّكَ به السيّد الداماد فمقتضاه عدم اعتبار التصحيح ولو بعد الفحص ، بل هو مقتضى صريح كلامه .
أقول : إنّ حجّيّة ظنّ العلاّمة وأمثاله للمصحّح له من جهة حجّيّة الظنّ الناشئ من الظنّ المذكور ، وتظهر حجّيّته بما تقدَّم للمصحّح له .

1.معالم الدين : ۲۰۸ .

2.الرواشح السماويّة : ۵۹ ، الراشحة الحادية عشرة .

3.عدّة الرجال ۱ : ۱۸۱ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6975
صفحه از 484
پرینت  ارسال به