333
الرّسائل الرّجاليّه

بل نقول : إنّه على ذلك لابدّ أن يُقتصر على أعلى مراتب الظنّ ، أي الظنّ المتآخم للعلم ، ولا يقول به أحد ، إلاّ أن يقال : إنّ الإجماع قائم على كفاية الظنّ الحاصل بعد الفحص وإن لم يكن متآخما للعلم كما اعترفت به ، فبه يتأتّى الفرق بين الظنّ الحاصل قبل الفحص وبعده .
هذا كلّه بناءً على كون الحجّيّة من الأحكام الوضعيّة مع اعتبار أصالة العدم ، وأمّا بناءً على كون المرجع إلى جواز العمل بالظنّ قبل الفحص وحرمته ، أو عدم اعتبار أصالة العدم ، فيتأتّى جواز القبول قبل الفحص .
ثمّ إنّه ربّما يُتوهّم : أ نّه لا خلاف في جواز العمل بالظنّ الحاصل من الجرح والتعديل قبل الفحص لو لم يكن الفحص .
ويندفع : بأ نّه قد صرّح جماعة بعدم اعتبار تعديل مجهول العين ؛ لكون العمل به من باب العمل بالظنّ قبل الفحص مع عدم إمكان الفحص .

[ المختار في أصل المسألة ]

إذا تمهّدَ ما تقدَّم ـ وقد زادت المقدّمة عن أصل المقصود بمراتب كثيرة ـ فنقول : إنّ مقتضى كلام مَنْ تقدّم منه عدم جواز العمل بالجرح والتعديل في باب الرواة قبل الفحص ـ كصاحب المعالم ۱ والمحقّق القمّي ۲ والوالد الماجد رحمه اللهكما عن العلاّمة في النهاية والشهيد الثاني في الدراية ۳ والفخريـ : هو القول هنا أيضا بعدم جواز العمل بالتصحيح .
ومن ذلك : قول صاحب المعالم ـ بعد أن بنى على عدم جواز العمل بالجرح والتعديل قبل الفحص في ذيل الفائدة التي رسمها في أنّ قول العدل : «حدّثني

1.معالم الدين : ۲۰۸ .

2.القوانين المحكمة ۱ : ۳۰۲ و ۴۷۷ .

3.الدراية : ۷۴ .


الرّسائل الرّجاليّه
332

وأمّا على القول بحجّيّة الظنون الخاصّة ، فإن قلنا بكون الجرح والتعديل من باب الشهادة ، فلا مجال للقول بلزوم الفحص ؛ إذ لا إشكال في عدم وجوب فحص الحاكم لو شهد بعدالة شاهدين عنده عادلان وتحصّل الظنّ له من شهادة الشاهدين ، وجواز الحكم للحاكم على طبق شهادة الشاهدين ، وصرّح بانتفاء الخلاف غير واحد أيضا .
هذا على القول بإختصاص حجّيّة البيّنة بصورة الظنّ ، وأمّا على القول باختصاص حجّيّة البيّنة بصورة الظنّ بحجّيّته تعبّدا ، فلزوم الفحص غير معقول ؛ إذا ليس الغرض من الفحص إلاّ الظنّ ، والمفروض عدم الحاجة إليه ، بل اعتبار البيّنة مع الشكّ ، بل مع الظنّ بالخلاف .
وامّا على القول بكونه من باب الخبر ، فمقتضى الاستدلال على كفاية تزكية الواحد ـ بأنّ مفهوم آية النبأ قبول خبر الواحد وإن كان مظنون العدالة ـ هو جواز قبول خبر العدل في الأحكام الشرعيّة وإن كان مظنون العدالة بظنٍّ حاصل قبل الفحص؛ لعدم الفرق في شمول الآية بين الظنّ الحاصل قبل الفحص والظنّ الحاصل بعده .
نعم ، سائر ما استُدلَّ به على كفاية تزكية العدل الواحد من الإجماع ولزوم انهدام الشرعيّة لولاه لا يجري فيما قبل الفحص .
وأمّا على القول بكونه من باب الظنون الاجتهاديّة فلا يتّجه القول بجواز القبول قبل الفحص ، إلاّ أن يقال بالإجماع على عدم الفرق بين الظنّ الحاصل قبل الفحص والظنّ الحاصل بعد الفحص كما ربما يُستفاد ۱ ممّا ذكره سيّدنا فيما تقدَّم من كلامه عند الكلام في اشتراط قبول الجرح والتعديل بالفحص عن المعارض .

1.قوله : «كما ربما يستفاد ممّا ذكره سيّدنا» أنت خبير بأنّ مقتضى كلام سيّدنا دعوى الإجماع على قبول التعديل من بعض أهل الرجال لو لم يتعرّض للرجل غير ذلك ، وهذا ممّا لا يمكن فيه الفحص ، فأين هذا ممّا يمكن فيه الفحص كمورد البحث؟ (منه رحمه الله) .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6817
صفحه از 484
پرینت  ارسال به