ويمكن أن يقال : إنّ تقديم الجرح لا يُنافي الترجيح بالعدد ؛ لانصراف الأوّل إلى صورة مساواة الجرح والتعديل في العدد .
وإن قلت : إنّه قد علّل تقديم الجرح بإمكان اطّلاع الجارح على ما لم يطلّع عليه المعدِّل ، وهذا يجري في صورة زيادة العدد .
قلت : إنّ التعليل المذكور ينصرف أيضا إلى صورة مساواة الجرح والتعديل في العدد ؛ لبُعد اطّلاع المعدِّل على ما لم يطلّع عليه الجارح ، مع زيادة عدد المعدِّل .
ويقتضي القول بتلك المقالة ما قاله العلاّمة في الخلاصة في ترجمة ليث بن البختري ـ بعد أن حكى عن ابن الغضائري نقل اختلاف أصحاب ليث في شأنه ، والحكم بأنّ الطعن في دينه ـ من أنّ الطعن عن ابن الغضائري في دينه لا يوجب الطعن ؛ لأنّه اجتهاد منه ، إلاّ أن يقال : إنّه يمكن أن يكون من باب كون الجرح والتعديل من باب الشهادة ۱ .
ومقتضى تلك المقالة انحصار اعتبار الصحيح فيما كان كلٌّ من رجال سنده منقول العدالة ولو من عَدْلٍ واحد .
لكن صرّح سيّدنا أيضا بكون التزكية من باب الخبر ، إلاّ أ نّه جعل المدار على مطلق الظنّ ، بناءً على دلالة آية النبأ على ثبوت العدالة والفسق بالظنّ ۲ ، كما يأتي منه .
وظاهر المحقّق القمّي أ نّه لا ينكر صدق الخبر على التزكية ، لكنّه إنّما يقول بحجّيّة الخبر من جهة حجّيّة مطلق الظنّ الاجتهادي بعدالة الراوي ، سواء كان من جهة التزكية وهي من باب الخبر ، أو غيرها من جهة حجّيّة مطلق الظنّ بالأحكام