285
الرّسائل الرّجاليّه

[الفرق بين الخبر بالمعنى اللغوي والشهادة بالمعنى الإصطلاحي]

فلا جدوى في الكلام في الفرق بين الخبر بالمعنى اللغوي والشهادة بالمعنى اللغوي ، ولا في الفرق بين الخبر بالمعنى المصطلح والشهادة بالمعنى اللغوي .
لكنّ الفرق بين الخبر بالمعنى اللغوي والشهادة بالمعنى المصطلح بعد كونه مهمّا في نفسه من المناسب بيانه وشرح حاله .
فنقول : إنّ الشهادة تُطلق تارةً على الاطّلاع ، ومنه قوله سبحانه : «وَ أَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ» ۱ إذ الغرض أخذ المُطّلع بإحداث الاطّلاع ، ولا مجالَ لحمل الشهادة فيه على الإخبار ، بل منه التعبير بأداء الشهادة ؛ إذ الغرض إظهار الاطّلاع ، ولا معنى لأداء الإخبار .
وتُطلق اُخرى على الإخبار ، كما في كثيرٍ من موارد إطلاق الشهادة ، بل أكثرها :
والفرق بين الخبر والإطلاق الأوّل للشهادة ظاهر .
وأمّا الفرق بين الخبر والإطلاق الثاني للشهادة فالأحسن والأسهل فيه الرجوع إلى العُرف ، بناءً على تسرّي المعنى المصطلح عليه للشهادة إلى العرف .
وقد بنى بعض الأكابر في الفرق بين الخبر والشهادة على العرف ، وهو لا يتمّ على إطلاقه ؛ لما سمعت من اختلاف إطلاق الشهادة ووضوح الفرق بين الخبر والشهادة على الإطلاق الأوّل . إلاّ أن يقال : إنّ الإطلاق الأوّل من باب المعنى اللغوي ، والكلام في المعنى الاصطلاحي .
وقال السيّد السند المحسن الكاظمي :
إنّ الشهادة وإن كانت إخبارا أيضا إلاّ أ نّه قد اُخذ في [مفهومها] ۲ أن يكون

1.الطلاق (۶۵) : ۲ .

2.أضفناه من المصدر.


الرّسائل الرّجاليّه
284

نعم ، الفرد الظاهر من الخبر هو ما كان عن علم ، كما أنّ الظاهر من صيغ الإخبار ـ أعني الجمل الخبريّة ـ هو كونها عن علم ، إلاّ أ نّه غير داخل في مفرداتها ، ولا وضع لتركيبها .
وأمّا استظهار دخول العلم في مادّة الخبر من أهل البيان فهو مدفوعٌ بأنّ التفتازاني صرَّح في شرح التلخيص بأ نّه ليس المراد بالعلم هو الاعتقاد الجازم المطابق ، بل حصول هذا الحكم في ذهن المتكلِّم وإن كان خبره مظنونا أو مشكوكا أو موهوما أو كذبا محضا ۱ . وهذا ضروريّ لكلّ عاقل تصدّى للإخبار ، وأهل البيت أدرى بما في البيت .
ومقتضى تزييف الاستدلال بآية النبأ ۲ على حجّيّة الإجماع المنقول ـ بعدم صدق النبأ على ما كان مستندا إلى غير الحسّ ـ القولُ بخروج التزكية عن الخبر بواسطة مداخلة الاستناد إلى الحسّ في مدلول الخبر ؛ لكون العدالة من باب غير المحسوس ، لكن حرّرنا في محلّه ضعف القول باختصاص صدق الخبر بما كان مستندا إلى الحسّ .
فقد ظهر أنّ خروج التزكية عن الخبر إمّا بواسطة دخول القول في معنى الخبر ، أو دخول العلم أو الاستناد إلى الحسّ في معناه ، لكنّ القول بدخول العلم أو الاستناد إلى الحسّ مدخولٌ .
ثمّ إنّه بما مرّ عسى أن يظهر ، بل لا خفاءَ في أنّ الكلام في دخول الجرح أو التعديل في الخبر بالمعنى اللغوي ، والشهادة بالمعنى المصطلح .
وأمّا الخبر بالمعنى المصطلح فلا يرتبط بالمقام ، كما أنّ الشهادة بالمعنى اللغوي لا يرتبط بالمقام أيضا .

1.المطوّل : ۴۶ ؛ مختصر المعاني : ۶۷ .

2.الحجرات (۴۹) : ۶ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6658
صفحه از 484
پرینت  ارسال به