127
الرّسائل الرّجاليّه

تمانع عن دلالة «ثقة» على الإماميّة بناءً على دلالتها عليها .
وأمّا الاستدلال ـ المتقدّم ـ على إفادة العدالة فيندفعُ بأنّ الظهور المذكور إن كان المقصود به الوضوح كما هو ظاهر العبارة ، فلا ينفعُ في المقصود في كمال الوضوح ؛ لوضوح المنع . وإن كان المقصودُ به الظنّ قبالَ العلم ، بكون الغرض أنّ الظاهر استناد الوثوق في الحديث إلى الوثاقة ـ ولعلّ الظاهر أ نّه المقصود وإن كان خلاف ظاهر العبارة ـ فقد سمعت الكلام فيه .
وربّما يستدلّ على إفادة العدالة بأنّ الشيخ ربّما يقول في ترجمة شخص في موضعٍ : «ثقة» وفي موضعٍ آخَر يقول في ترجمته : «ثقة في الحديث» كما تقدّم ، فمقتضاه كونُ المقصود بالوثوق في الحديث هو العدالة ، بناءً على دلالة «ثقة» بقولٍ مطلق على العدالة .
أقول : إنّه ليس الاستدلالُ بذلك على دلالة «ثقة في الحديث» على العدالة أولى من الاستدلال به على عدم دلالة «ثقة» على العدالة ، بل قد تقدّم تأييده لعدم الدلالة ، أي عدم دلالة «ثقة» على العدالة ، فضلاً عمّا مرّ من الكلام في دلالتها على العدالة .
وبالجملةِ ، فلا إشكالَ في عدم استلزام الوثوق بالحديث للعدالة ، وظهورُه فيها محلُّ الإشكال ، بل الظاهر العدم ، فالدلالةُ على العدالة والظنّ بها في المقام محلُّ الإشكال ، بل الظاهر العدم ، فالغرضُ الاعتمادُ في الإسناد والحديث بالمعنى اللغوي .
ويَرْشُدُ إليه ما في ترجمةِ حمّادِ بن عيسى ۱ ، وظريف ۲ بن ناصح ۳ من أ نّه «كان ثقةً في حديثه ، صدوقا» حيث إنّ الظاهرَ كونُ الأمر من باب ذِكْر المرادفات .

1.رجال النجاشي : ۱۴۲ / ۳۷۰ .

2.قوله : «وظريف بن ناصح» بالظاء المعجمة (منه عفي عنه) .

3.رجال النجاشي : ۲۰۹ / ۵۵۳ ؛ خلاصة الأقوال : ۹۱ / ۲ .


الرّسائل الرّجاليّه
126

آخَر ، فإنّه يترسّخُ مضمونُ الخبر في نفس الشخص الثاني ، ولا يرتفع ولو بالمبالغة في كون الإخبار كذبا من الشخص الأوّل في مقام الاعتذار ، وإن أمكَنَ كونُ عُسْر الارتفاع بواسطة حُسْبان كون الاعتذار من باب الاستبراء عن السوء ، بخلاف الإخبار فإنّه بحسبان كونه غير مُعلّلٍ بالغرض يتسارعُ نفوذه ، ومن عجيب الإخبار أنّ المريضَ بمَرَض ضَعْفِ القلب ربّما يهلك بل هلَك بالإخبار بالخبر الموحش ولو من الصبيان فضلاً عن النسوان ، بل هلاكُه بالإخبار بالخبر الموحش في كمال السهولة ، بل هلَك همّام ببيان صفات المؤمن من أمير المؤمنين عليه السلام بعد سؤاله عنها كما رواه في الكافي في بابِ المؤمن وعلاماته وصفاته ۱ .
وإن قلت : إنّ الظاهر من الوثوق بالحديث بنفسه ـ مع قطع النظر عن الغَلَبَةِ ـ كونُه مستندا إلى العدالةِ .
قلت : إنّه محلّ المنعِ ، ومن هذا أ نّه لا مجال للقول بالدلالة على العدالة لو قيل : «صدوق» كما في بعض التراجم ، فضلاً عمّا لو قيل : «صادق» وإن يأتي القول بالدلالة على العدالة فيهما من بعض .
هذا كلُّه على تقدير عموم العدالة لسوء المذهب ، وإلاّ فاتّفاق «ثقة في الحديث» في ترجمة غير الإمامي يمانعُ عن ظهوره في العدالة ، إلاّ أن يقال : إنّ الظواهرَ لا ترتفعُ بالتخلّف في بعض المواضع ، بل الظهور الغير المتخلّف مفقودُ
الأثر .
ومن هذا أنّ «ثقة» بناءً على دلالتها على العدالة لا يرتفع ظهورُها في العدالة على القول باعتبار الإماميّة في العدالة بواسطة اتّفاقها في ترجمة غير الإمامي ، اللّهمّ إلاّ أن يدّعى كثرة اتّفاق «ثقة في الحديث» في غير الإمامي بحيث توجبُ ارتفاعَ الظهور في العدالة ، كما سبق دعوى كثرة اتّفاق «ثقة» في غير الإمامي بحيث

1.الكافي ۲ : ۱۷۷ ، ح ۱ ، باب المؤمن وعلاماته وصفاته .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6942
صفحه از 484
پرینت  ارسال به