وربّما يقتضي القول بالثاني ما قاله في القاموس من أنّ «ثِقَة نقَةٌ» من الاتباع ۱ ، وكذا ما نقله صاحب المعالم في حاشية الدراية نقلاً عن جماعة من أهل اللغة ، منهم ابن دريد في الجمهرة من أنّ من جملة الاتباع «ثقة نقة» وعن نفسه التوقّف ۲ ، بل عليه جرى الفاضل الهندي في بعض الحواشي على قرب الإسناد .
والأظهر القول بالأوّل ؛ لأنّه المتراءى في النسخ ، مع أ نّه لو كانت بالنون لكانت على زنة «عدة» ولم يوجد «ونق ينق» ، وأما النقى فهو من نقي ، الّلهمّ إلاّ أن يكون الأمر مبنيّا على حُسْبان كون «نقة» من نقي من باب الاشتباه . وهو غير بعيد .
وأمّا حديث الاتباع فلا يُجْدي في القول بالنون في الباب ؛ لأنّ المقصودَ به إردافُ المُسْتَعْمَل بالمُهْمَل ، وهو مقطوع العدم في المقام ، بل في كلام سائر أرباب التصنيف والتأليف حتّى مَنْ أتى بأقلّ قليلٍ .
[ هل يدلّ تكرار «ثقة» على زيادة العدالة أو لا؟ ]
ثمّ إنّ التكرارَ بناءً على اتّحاد الصورة هل يدلُّ على زيادة العدالة أو لا ؟صرّح الشهيد الثاني بالأوّل ۳ ، لكنّه عبّر بزيادة المدح .
وهو كماترى ؛ لفرض دلالة الاُولى على العدالة ، إلاّ أن يكون المقصود بزيادة المدح هو زيادة العدالة إطلاقا للمَدح على العدالة ، كما في ترجمة إسماعيل بن جابر الجُعْفي حيث إنّه ذكَر الشيخُ في الرجال نقلاً «أ نّه ثقة ممدوح» ۴ .
أقول : إنّ الاستقراء يقتضي بعدم إرادة زيادة العدالة وعدم الدلالة عليها ؛ حيث إنّ جمعا من أجلاّء الرواة ـ نحو زرارة وأضرابه ـ لم يتكرّر التوثيق في تراجمهم ، بل جماعة من الموثّقين بالمكرّر من النجاشي قد ذكرهم ابن داوود في