الإسلام مع عدم ظهور الفسق ، بل مجرّد حسن الظاهر أيضا ، بل لا يحصل إلاّ مع العلم أو الظنّ بالملَكَة المذكورة ؛ فقولهم : «فلان ثقة» لا يحتمل الاعِتماد فيه على ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق أو حُسْن الظاهر ، بل لابدّ أن يكون اعتمادهم فيه على ظهور الملَكة ، واختلافهم في عدد الكبائر ۱ غيرُ قادحٍ أيضا ، فإنّ الوثوق ۲ لا يحصل إلاّ بمَنْ كان له ملَكَة الاجتناب عن جميع الذنوب ؛ إذ مَنْ يصدر عنه الذنب ۳ ـ ولو كان صغيرةً ـ لا يحصل الوثوق به من كلّ وجهٍ ، فلا أقلّ من هذه الجهة .
فالحكم بتوثيق الرجل على الإطلاق لا يتمّ إلاّ بعد ظهورِ ثبوت ملَكَة اجتناب الكبائر ولو كانت ممّا اختُلف في كونها كبيرةً ؛ لأنّه إمّا أن يكون عند الرجل معصية أو لا ، فإن كان الأوّل فله ملَكَة الاجتناب عنه ، وإن كان الثاني فلا يضرّ فعله ؛ لكونه مباحا له وإن كان حراما في الواقع ، فيكون مرتكبا للمباح لا الحرام . ففعْل المعصية في الجملة وإن لا يضرّ بعدالة الرجل لكنّه يقدح في الوثوق به من كلّ وجه ، كما هو الظاهر من قولهم : «فلان ثقة» .
فيظهر من جميع ما ذُكِرَ أنّ الظاهرَ من توثيق علماء الرجال إرادةُ ما يلزم العدالة عند الكلّ ، ولو لم يكن لنا إلاّ اتّفاق الطائفة على قبول التعديل من أهل الرجال ولو كان بدون ذكر السبب،لكفانا في قبول قولهم مع عدم ذكره ؛ لكشفه عن إرادة ما اتّفقت عليه كلمتهم ؛ فلا إشكال أصلاً ولو على القول باعتبار ذكر السبب.