45
الرّسائل الرّجاليّه

عن المخبرين نظرا إلى مدلولهما بأن يَشْتَمل أحدهما على الزيادة ؛ لأنّ السهو غالبا في السقط لا الزيادة .
ومن هذا الباب أن يدّعي أحدُ اللغويّين الوضعَ للأعمّ ، والآخَر الوضعَ للأخصّ ، فإنّ ادّعاء النفي أقرب إلى الاشتباه ؛ حيث إنّ المقصود بالضَبْط في المقام هو المعنى المصطلح ، أعني غَلَبَة الذكْر كما سمعت .
والمقصود بالضبط في مثل اللغة بالمعنى الأعمّ والرجال ونقل الإجماع ـ ممّا يكون المدارُ فيه على الاجتهاد والفحص ـ هو المعنى اللغوي أو العرفي ، أعني الإتقان الموجب للاطمئنان . والمدار في الضبط في ذلك على بُعْدِ الاشتباه ، ولا مجال لاشتراطِ عدم غلبة النسيان فيه ؛ لابتنائه على الاجتهاد دون السماع ، كما أنّ المقصود بالضبط في الأضبطيّة ـ في ترجيح بعض الناقلين على بعض في الفُنون النقليّة التي يكُون المدارُ فيها على الاجتهادِ والفحصِ كاللغاتِ بالمعنى الأعمّ والرجال ـ هو المعنى اللغوي أو العرفي أيضا ، فالمقصود بالأضبطيّة هو زيادة الإتقان الموجب للاطمئنان ، فالمدار على أبعديّة الاشتباه في الاجتهاد .
وترجيح الكليني على الشيخ ـ وإن كان للسماع مداخلة في فنّ الحديث ـ ليس من جهة غلبةِ نسيانِ الشيخ بالإضافة إلى الكليني ، بل من جهة زياد الاطمئنان إلى الكليني بالإضافة إلى الشيخ ، فالمقصود بالضَبْط في الأضبطيّة هنا هو المعنى اللغوي أو العرفي أيضا ، أعني الإتقان ، فالمقصود بالأضبطيّة هو الزيادة في المعنى المشار إليه للمعنى المصطلح عليه المقصود في المقام ، فالاشتباه إنّما حصل من جهة عدم الفرق بين المعنى اللغوي والمعنى المصطلح عليه عند الاُصوليّين في باب حجّيّة خبر الواحد .
وكيف كان ، فالمقصود بالضبط فيما نحن فيه هو المعنى المقصود به في اشتراطه في حجّيّة خبر الواحد ، أعني غَلَبَة الذِكْر . ولا خَفاء في أنّ الغالبَ من الناس هو الضابط ، بل عدمُ الضبط بالمعنى المذكور من الأمراض النادرة .


الرّسائل الرّجاليّه
44

«الحِفْظ» . وكأنّ المقصود بالحزم في كلام صاحب الصحاح والقاموس هو «الحفظ البليغ» .

[ تعميم معنى الضبط ]

ومن العجيب ما قيل من أنّ ضَبْط الراوي كما يكون شرطا في حجّيّة الرواية ، فكذا ضَبْطُ مطلقِ الناقل في النقليّات التي يكون خبر الواحد حجّة فيها ، كاللغات بالمعنى الأعمّ والرجال ونقل الإجماعات وغيرها ؛ لأنّ المناط فيها الظنّ ، وهو لا يحصل بدونِه ، ويكفي مؤونة ضبط النَقَلَة في غير الروايات بالإخبار وضيق المجال عن الاختبار ۱ أصالةُ الضبط في البشر حتّى يثبت خلافه ، بل كما أنّ الضبطَ بنفسه شرطٌ في الحجّيّة ، فكذلك الأضبطيّة من جملة المرجّحات بلا كلام ، وقد صرّح به بعضهم ۲ .
والوجه في ذلك : أنّ المدار في المرجّحات على أقوائيّة الظنّ في أحد الجانبين، فكما أنّ عدم الضَبْط مؤثّرٌ في فَقْده ، فضَعْفُه مؤثّر في ضَعْفه ، فيقوى الجانب الآخر . وهذا أيضا يجري في جميع الفنون النقليّة المشار إلى بعضها آنفا .

وطريق معرفة الأضْبطيّة في الجميع إمّا الإخبار أو الاختبار ، ومن أعظم معدّاتها صرفُ رَيعان العُمْرِ في فنٍّ وشأنٍ ، بخلاف تفريقه على الفنون والشؤون ، فإنّ الإنسانَ يَشْغله شأن عن شأن ، ومن هنا نحكُم بتقديم الكُليْني بل الصدوق على الشيخ في الحديثِ،والنجاشي عليه في الرجال،والصحاح على القاموس في اللغة،وبعضِ الفقهاءِ على بعضٍ في نقلِ الإجماعات.ومع الشكّ فنحكم بالتساوي؛ لأنّ الزيادة تحتاجُ إلى دليلٍ ، ولا أصل هنا يقتضيها ، بل الأمر بالعكس .
نعم ، ربما نحكم بكون أحدِ الخبرين أتقنُ ضبطا من الآخر مع قطع النظر

1.في «ح» : «الأخبار» .

2.وصول الأخيار : ۷۷ ؛ لبّ اللباب للاسترابادي : ۱۶ ؛ وانظر مقباس الهداية ۱ : ۱۴۸ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6806
صفحه از 484
پرینت  ارسال به