ومع هذا ، الاستقراء الكامل في كلمات أرباب الرجال ـ كما يأتي ـ يفيد الظنّ المتاخم للعلم ، بل العلم بكون المقصود بالوثاقة في «ثقة» هو المعنى اللغوي ، أعني الاعتماد ، ولم يقل أحدٌ بدلالة «ثقة» على الإماميّة ، أو الضبط بالانفراد أو الاجتماع .
[ أخذ الضبط في «ثقة» ]
نعم ، قال السيّد الداماد في الرواشح : «أمّا الضبط ، وهو كون الراوي متحفّظا مستيقظا غير مغفَّل ولا ساهٍ ولا شاكّ في حالتي التحمّل والأداءفمتضمّن في الثقة» ۱ .
لكنّ الظاهر أنّ المعنى الذي ذكره للضبط خارجٌ عن ۲ المعنيين المذكورين للضبط ، ومع هذا يأتي في كلٍّ من الضبط والإماميّة والعدالة ما يدلّ على عدم دلالة «ثقة» عليه ، ومقتضاه عدم تجدّد الاصطلاح .
[ الضبط المعدود من شرائط حجّيّة الخبر الواحد ]
وبعد ذلك أقول ۳ : إنّ الضبطَ المعدودَ من شرائطِ حجّيّة خبر الواحد يكون المقصود به ـ كما ينصرح من جماعة ۴ ـ أن يكونَ الراوي ذكْرُه ۵ غالبا على نسيانه ،
1.الرواشح السماويّة : ۱۱۷ ، الراشحة السادسة والثلاثون .
2.في «د» : «من» .
3.قوله : «وبعد ذلك أقول» إلى آخره ، إنّما قدّمنا الكلام في الضبط على الكلام في الإماميّة ، والكلام في الإماميّة على الكلام في العدالة ؛ لكون الكلام في الضبْط أقلّ من الكلام في الإماميّة ، والكلام في الإماميّة أقلّ من الكلام في العدالة ، وتقديمُ الكلام في الأخفِّ كمّا أو كيفا أوقع في النفسِ وأليَمْ بالطبيعة ، بل هو المتعارَفُ في التقرير والتحرير في عموم الفنون (منه عفي عنه) .
4.كالعراقي في ألفيّته ، وشارحها السخاوي في فتح المغيث ۱ : ۲۷۹ ، وانظر قوانين الاُصول ۱ : ۴۶۲ .
5.قوله : «ذكره» قد اشتهر في الناس أنّ الذِكْر باللسان ضدّ الإنصات ـ بالكسر ـ والذكرُ بالقلب ضد النسيان ـ بالضمّ ـ وهو المنقول عن جماعة منهم الفرّاء والكسائي ، لكن مقتضى ما في القاموس والمجمع أنّ الذكر ـ بالكسر ـ مطلقا ، وهو المحكيّ عن بعض الأواخر في بيان صفات القاضي ، وعن الماوردي عن بعض : أنّ الكسرة والضمّة لغتان لمعنى ، وهو ظاهر المصباح ، والمنقول في المصباح عن جماعة منهم أبو عبيدة وابن قتيبة ، ففي المقام أقوال ثلاثة (منه عفي عنه) . انظر المصباح المنير ۱ : ۲۰۸ .