329
الرّسائل الرّجاليّه

[المعتبر في العدالة هو الظنّ لا العلم]

بل نقول : إنّ اعتبار العلم في العدالة يستلزم التكليف بما لا يُطاق لو ابتنى على العدالة حكمٌ وجوبيّ ، بل يستلزم تعطيل حقوق الناس وتضييعها في المرافعات ، بل يستلزم مُشارفة الأحكام المشروطة بالعدالة على الإهمال بالكلّيّة .
فالمعتبر في أصل العدالة مطلقا هو الظنّ ، فيكفي الظنّ بالعدالة ، الناشئ من التصحيح ولو قلنا بأنّ المدار في التوثيق على الوثاقة بالمعنى اللغوي ، كما هو الأظهر ، كما حرّرناه في الرسالة المعمولة في «ثقة» لا العدالة بالمعنى المصطلح ؛ لوضوح كون المقصود بالتصحيح العدالة بالمعنى المصطلح على حسب الاصطلاح في الصحيح .
إلاّ أن يُمنع عن حصول الظنّ بالعدالة من التصحيح ، بناءً على كون المدار في التوثيق على الوثاقة بالمعنى اللغوي ؛ لابتناء التصحيح على التوثيق بثقة غالبا .
لكن نقول : إنّه يمكن القول باعتبار الظنّ القوي الموجب للوثوق في أصل العدالة وإن اكتفي بتزكية العدل الواحد هنا بمقتضى الإجماع ولزوم إهمال الفقه ، بل بمطلق الظنّ بمقتضى ما سمعتَ من سيرة الأصحاب ، بل ما مرَّ من نقل الإجماع على قيام الظنّ مقام العلم عند التعذُّر ، وإن أمكن ادّعاء انصرافه إلى صورة قوّة الظنّ . لكنّه ليس شيء .
والوجه : أنّ انسداد باب العلم بالعدالة وعدم جواز الرجوع في جميع موارد الجهل بها إلى أصالة عدمها ؛ للزوم بطلان أكثر الحقوق وإن يقتضي الرجوع إلى الظنّ ـ كما في نظائره من الموضوعات مع فرض ثبوت بقاءالتكليف فيها مع انسداد باب العلم بها ، كما هو المفروض في المقام ـ إلاّ أنّ غاية الأمر جواز العمل بالظنّ في الجملة ، فيجب الاقتصار على الظنّ القويّ المعبّر عنه عُرفا بالوثوق والأمن .
مع أ نّه يمكن استفادة حجّيّة هذه المرتبة من النصوص .


الرّسائل الرّجاليّه
328

«التكليف فيه موقوف على الظنّ ؛ لأنّ تحصيل العلم بأنّ غيره لم يفعل غير ممكن ، بل الممكن الظنّ» ۱ وما عن الذكرى من قوله : «ولو غلب على ظنّه أحد طرفي ما شكَّ فيه في الصلاة ، بنى عليه ؛ لأنّ تحصيل اليقين عسر في كثيرٍ من الأحوال ، فاكتفي بالظنّ تحصيلاً لليسر ودفعا للجرح» ۲ وما عن المقدّس من قوله : «أمّا وجوب الاجتهاد في القبلة : فلأنّه إذا لم يحصل العلم ، وجب ما يقوم مقامه ، وهو الظنّ عن أمارات شرعيّة ، وهو الّذي يحصل بالاجتهاد» ۳ هو دعوى قيام الظنّ مقام العلم عند التعذّر أيضا .
إلاّ أنّ مُقتضى العبارة الأخيرة هو قيام الظنّ الثابت حجّيّته بالخصوص .
وحكي ذلك ـ أعني دعوى القيام المذكور ـ عن السرائر ۴ والتنقيح ۵ وغيرهما ۶ ، بل اكتفى بعض الفحول في بعض أدلّته على حجّيّة مطلق الظنّ في نفس الأحكام بمجرّد انسداد باب العلم ، وتحقّق الإجماع على قيام الظنّ مقام العلم عند التعذُّر ۷ .
وما نحن فيه هو القدر المتيقّن ممّا يدخل في دعوى الإجماع على قيام الظنّ مقام العلم عند التعذُّر ، حيث إنّ المقصود بدعوى الإجماع المذكور إمّا ادّعاء الإجماع فيما عُلم بقاء الحكم فيه من الخارج ، أو المقصود دعوى الإجماع على أمرين : بقاء الحكم فيما تعذَّر فيه العلم ولو لم يثبت البقاء من الخارج ، وحجّيّة الظنّ ، والأخير محلّ الكلام ، إلاّ أنّ المفروض في المقام بقاء الحكم في موارد اشتراط العدالة وجوبا واستحبابا .

1.نقله عنه في هداية المسترشدين : ۲۷۳ .

2.ذكرى الشيعة ۴ : ۵۴ .

3.مجمع الفائدة والبرهان ۲ : ۵۲ .

4.السرائر : ۱ : ۸۶ .

5.التنقيح الرائع ۱ : ۱۷۱.

6.انظر المعتبر ۲ : ۷۰ .

7.المراد به الميرزا القمّي في القوانين المحكمة ۱ : ۴۴۰ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6893
صفحه از 484
پرینت  ارسال به