317
الرّسائل الرّجاليّه

من الواحد في الرواية .
وإن كان المقصود الاستقراء الناقص ـ كما ربما يُرشد إليه ذِكْر حديث الإحصان والزنا لو كان ذِكره من باب المَثَل ، وإلاّ فمُلاحظة موردٍ واحدٍ لا يكفي في الاستقراء بلا كلامٍ ـ ففيه : أنّ الشأن في إثبات الاستقراء إن قلنا بحجّيّته .
وأيضا عدّ المقدّمات من الأصل أولى من عدّ الشروط منه . ومن ذلك ما اشتهر من عدم كفاية الظنّ في مسائل الاُصول ، كما ذكروه في مباحث قد استوفيناها في الرسالة المعمولة في حجّيّة الظنّ .
وأمّا ما جرى عليه المحدّث الحُرّ ، فدعوى «كون تزكية العدل مُفيدة للقطع بانضمام غيرها من القرائن التي يعرفها الماهر المُتتبّع» ۱ عُهدتها عليه ، وإلاّ فلا نستأنس من النفس حصول القطع بالعدالة إلاّ في أندر الموارد بعد فرض حصول القطع فيه ، بل تلك الدعوى مقطوعة الفساد غالبا لو لم نقل كلّيّةً .
وحصول القطع بالعدالة في بعض الموارد مع عدم التوثيق ـ بعد تسليمه ـ لا يجدي في دعوى الموجبة الكلّيّة ، غاية الأمر رفع الوحشة عن حصول العلم بالعدالة .
ومع هذا نقول : إنّه لو تحصّل القطع ، ففيه الكفاية ، ولا حاجة إلى دعوى دلالة الأخبار المتواترة على اعتبار خبر الثقة .
بل نقول : إنّه لو جرى على كون اعتبار تزكية العدل من باب اعتبار الخبر ـ لدلالة الأخبار المتواترة على اعتبار خبر الثقة ـ لكان أولى وأنسب .
وأمّا ما تقدّمت حكايته عن شيخنا البهائي في بعض تحقيقاته فهو مردودٌ بما تقدّم ۲ من أنّ مَنْ جرى على اعتبار العدالة جرى على اعتبار الإيمان أيضا ، فلا اعتبار بتزكية غير الإمامي ، مع أنّ ما استدلّ به على اعتبار تزكية غير الإمامي ـ من أنّ

1.وسائل الشيعة ۲۰ : ۱۱۵ .

2.في ص ۲۹۴ .


الرّسائل الرّجاليّه
316

وبعبارة اُخرى : لا قبح عند العقل في حكم الشارع بوجوب قبول خبر الواحد في الأحكام الشرعيّة إذا عدّله اثنان ، وعدم جواز قبوله إن عدّله واحد .
والقول المُتداول من امتناع زيادة الفرع على الأصل مجرّد كلامٍ جرى على الألسن ، لا مبنى له ولا عِبرة به . ألا ترى ۱ أنّ الولد فرع الوالد ، وكثيرا مّا يكون والد غير قابل [ لأن ]يكون له ولد جامع لمراتب الكمال .
وإن كان المقصود هو القياس بطريق أولى ، كما يُرشد إليه ذِكر طريق الأولويّة ، ففيه ـ بعد تسليم الأولويّة في غير ما نحن فيه ، وتسليم حجّيّة القياس المشارِ إليه ولو لم يكن الأمر من باب مفهوم الموافقه ـ : المنع عن الأولويّة في المقام باعتبار أنّ الرواية لا تتوقَّف إلاّ على السماع ، واحتمال الخطأ فيها أقلّ من احتمال الخطأ في التزكية ، حيث إنّ العدالة وكون الشخص مُعتمدا عليه واقعا ممّا يعسُر الاطّلاع عليه ، خصوصا مع رُجحان الفِسق لغَلَبته ، فالظنّ الحاصل من التزكية أدنى من الظنّ الحاصل من الرواية . فلا بأس باعتبار التعدّد في التزكية إتقانا وإحكاما في الباب ، والاكتفاء بالواحد في الرواية .
وبوجهٍ آخَر : أنّ التوثيق بناءً على كون المقصود به التزكية بالعدالة بالمَلَكَة لا مجال لابتنائه على العلم غالبا ؛ إذ لا مجال للعلم بالمَلَكَة غالبا ، فالتوثيق مبنيّ على الظنّ . وأمّا الرواية فهي صادرة على العلم ، فالمتعدِّد في التزكية لا يكون أقوى ظنّا

1.يمكن أن يقال : إنّه لا مبنى لهذا الاستشهاد ، نظرا إلى أنّ المدار في امتناع زيادة الفرع على الأصل على امتناع زيادته عليه في حيثيّته الفرعيّة لا مطلقا ، ومن الظاهر أنّ جامعيّة الولد لمراتب الكمال لا ترتبط بحيثيّته الفرعيّة ، فإنّ منشأ الجامعيّة اُمور منها : رجوع الولد إلى محال المراتب ومظانّها ساعيا في تحصيلها وإكمالها ، فجامعيّة الولد لمرتبة علم الفقه مثلاً رجوعه إلى الفقهاء وكتبهم ساعيا في التحصيل والإكمال ، ولا تزيد مرتبته عليهم ولا عن كتبهم في حيثيّته الفرعيّة أيضا . نعم إنّ للولد فرعيّةً من جهة حدوث الوجود ، فلا يقدّم عليه زمانا ، وكذا من حيثيّات اُخرى لا تزيد عليه لا محالة ، كيف لا!؟ وأنّ الزيادة تستلزم إمّا تأثير الأمر العدمي في الشيء الوجودي ، أو تأثّر الشيء الوجودي ، عن الأمر العدمي ، وكلٌّ منهما محال بالضرورة (أبو الهدى) .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7012
صفحه از 484
پرینت  ارسال به