313
الرّسائل الرّجاليّه

وأجاب سيّدنا : بأنّ مفهوم آية النبأ عدم وجوب التبيّن عند إخبار مَنْ عُلمت عدالته ، أو حصل الظنّ بها من أيّ شيء كان حصوله . فالملحوظ عند ذكر الصفات في المحاورات إنّما هو المعرفة العرفيّة لا العلم القطعي ، فالمتبادر مَنْ الفاسق من عُلم فسقه ، وتعليق الحكم عليه يقتضي انتفاءه فيمن عُرف عدم فسقه كذلك ، ولا ريب في حصول المعرفة العرفيّة من أيّ شيء حصل ؛ لبناء أهل العرف في معرفة الأشياء على الظنّ ، وعدم الاقتصار على العلم ، فمفاد الآية وجوب التبيّن عن خَبرِ مَنْ عُرفت عدالته علما أو ظنّا .
ومرجع هذا الجواب إلى منع التناقض بدعوى شمول المفهوم دون المنطوق .
وقد يُورد أيضا على الاستدلال المتقدِّم بأنّ مفهوم آية النبأ شاملٌ للشهادة ، ومنه استدلال الفقهاء بمنطوق الآية على ردّ شهادة الفاسق والمخالف ، فالمقصود بالمفهوم قبول خبر العادل في الجملة ، المُردّد بين قبوله بالاستقلال ، وقبوله بشرط انضمامه إلى خبر آخر ، فلا إطلاق للمفهوم حتّى يُتمسَّك به في الباب .
بل هذا الوجه يدلُّ على عدم انتهاض الاستدلال بالمفهوم على حجّيّة خبر العدل في الأحكام الشرعيّة .
ولو قيل : إنّا نقول بإطلاق المفهوم ، وكون الأصل والظاهر من المفهوم حجّيّة خبر العدل مستقلاًّ في حال الوحدة ، غاية الأمر أ نّا نقول بخروج خبر العدل في مقام الشهادة .
قلت : إنّه لا مجالَ للقول بالخروج ؛ إذ خبر الواحد في الشهادة لا يكون حُجّة بشرط الانضمام ، بل الحُجّة إنّما هي المجموع المركَّب ، فالشهادة غير داخلة في المفهوم لا مُخرَجة بالدليل .
مع أنّ إخراج الشهادة من باب إخراج المورد ؛ لكون مورد الآية من باب الشهادة .
على أ نّه لو لم يكن المفهوم هو قبول خبر الواحد في الجملة ، لا يكون


الرّسائل الرّجاليّه
312

بل على هذا المنوال الحال في جميع موارد التجوّز مع القرينة المتّصلة ، مثلاً : في «رأيت أسدا يرمي» أو «في الحمّام» يقع التعارض بين التجوّز في الأسد عن الرجل الشجاع ، والتجوّز في الرمي عن إثارة التراب ، والتجوّز في الحمّام عن الفلاة الحارّة ، ولابدّ من ملاحظة الترجيح والتعادل ، لكن المرجِّح هو العُرف .
وربما يقتضي كلام الشيخ في الاستبصار ملاحظة التعارض بين دليلٍ واحد وجزءِ كلامٍ من دليلٍ آخر ، حيث إنّه روى في الاستبصار في باب أ نّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة ، عن الكليني بإسناده ، عن أبي الصباح الكناني قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أرأيتَ لو أنَّ رجلاً أحرم في دبر صلاة غير مكتوبة أكان يجزى ء؟ قال : «نعم» ۱ وروى عن الكليني بإسناده ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أ نّه قال : «لا يكون إحرام إلاّ في دبر صلاة مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم» ۲ فحَمَل الرواية الثانية على كون الغَرض أنّ الأفضل كون الإحرام عقيب الصلاة المفروضة ، ثمّ استشهَدَ بأنّ معاوية بن عمّار الراوي للرواية الثانية روى بعد حكايته ما قال عليه السلام : «وإن كانت نافلة صلّيت الركعتين» ۳ نظرا إلى أ نّه لولا كون الغرض أنّ الأفضل كون الإحرام عقيب الفريضة للزم التناقض في حديثٍ واحد .
لكنّه خارج عمّا تقتضيه كلمات الفقهاء والاُصوليّين من اختصاص التعارض في اصطلاحهم بملاحظته بين الدليلين ، أو بين كلامين من دليلٍ واحد ، أو بين جزءين من كلامٍ واحد .
ومزيد الكلام في ذلك موكول إلى ما حرّرناه في الاُصول .

1.الاستبصار ۲ : ۱۶۶ ، ح ۵۴۷ ، باب أ نّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة . وهي في الكافي ۴ :۳۳۳ ، ح ۱۰ ، باب صلاة الإحرام وعقده والاشتراط فيه . وفي الكافي : «في دبر صلاة مكتوبة» بدون «غير» .

2.الاستبصار ۲ : ۱۶۶ ، ح ۵۴۸ ، باب أ نّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة . وهي في الكافي ۴ :۳۳۱ ، ح ۲ ، باب صلاة الإحرام وعقده والاشتراط فيه .

3.الاستبصار ۲ : ۱۶۶ ، ذيل ح ۵۴۸ ، باب انّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة.

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6998
صفحه از 484
پرینت  ارسال به