311
الرّسائل الرّجاليّه

أ نّه لو كان المفهوم مُستلزما للتناقض ، فلا مجال للتمسُّك بالمنطوق ؛ إذ يلزم من وجوده العدم .
وقد يُجاب عن الإيراد المذكور بأنّ النسبة بين المتناقضين في المقام عموم وخصوص من وجه ؛ لوجود المنطوق في رواية معلوم الفسق ومحتمل الفسق الذي لم يُزكّه عدلٌ واحد ـ كما لو كان مجهول الحال بالمرّة ، أو زكّاه فاسق أو مجهول الحال ـ ووجود المفهوم في إخبار العدل بغير العدالة كأصل الرواية ، واجتماعهما في إخبار العدل بعدالة الراوي ، فمقتضى المنطوق ردّ روايته ومقتضى المفهوم قبوله .
ويمكن دفعه بواحد من وجهين ـ كما هو الشأن في أمثاله ـ : إمّا بتخصيص العموم المنافي بالمفهوم ، بأن يُقال : يجب ردُّ خبر كلِّ فاسقٍ أو يحتمل الفِسق إلاّ مَنْ زكّاه عدل واحد . أو بتخصيص العموم المفهومي بالمنطوق ، بأن يُقال : يجب قبول كلِّ خبرِ عدلٍ إلاّ إخباره بالعدالة .
إلاّ أنّ التخصيص الأوّل أرجح ؛ لانطباقِهِ مع الشهرة ؛ لشُهرة كفاية المُزكِّي الواحد .
ومرجع الجواب إلى تسليم التناقض وترجيح المفهوم بالشهرة .
لكن نقول : إنّ مُلاحظة التعادل والترجيح في التعارض بالعموم والخصوص من وجه بل مُطلق التعارض إنّما هي في التعارض بين الدليلين المنفصلين ، أمّا الكلام الواحد فالتعارض بين منطوقه ومفهومه وترجيح أحدهما على الآخر فاقد النظير .
نعم ، لابدّ من مُلاحظة التعادل والترجيح أيضا في التعارض بين كلامين من دليلٍ واحد ، وكذا التعارض بين جزءي كلامٍ واحد ، كما في المخصّصات المتّصلة والمقيّد المتّصل ، نحو : «أعتق رقبةً مؤمنةً» بناءً على تحقّق التعارض فيها ، كما هو الأظهر على ما حرَّرناه في الاُصول .


الرّسائل الرّجاليّه
310

ومع ذلك نقول : إنّ منطوق الآية لا يقتضي وجوب ردّ الرواية في الصورة المفروضة ؛ لعدم ثبوت الفسق .
نعم ، يتأتّى وجوب الردّ من باب وجوب مقدّمة العلم أو لابدّيّته ، على الخلاف في باب وجوب مقدّمة الواجب .
وعلى هذا المنوال حال المفهوم ، فهو لا يقتضي أيضا وجوب القبول ، بل يتأتّى وجوب القبول من باب وجوب مقدّمة الواجب أو لابدّيّته ، فالتناقض يتأتّى في الباب من جهة شمول المفهوم لصورة تزكية العدل ، لكنّه بانضمام وجوب مقدّمة العلم أو لابدّيّته .
إلاّ أنّ لزوم التناقض مبنيّ على شمول إطلاق التكاليف لحال الجهل بعد وضع الألفاظ للمعاني الواقعيّة واستعمالها فيها .
وأمّا بناءً على انصرافها في باب الموضوعات العرفيّة إلى حال العلم بالفعل ـ كما هو الأظهر ، كما أنّ الأظهر انصرافها في باب الأحكام والموضوعات الشرعيّة الُمخترَعَة إلى حال إمكان العلم ـ فلا يتأتّى شمول المنطوق ولا المفهوم ، فلا يتأتّى التناقض بوجهٍ .
ومع ذلك نقول : إنّ محذور التناقض لا يخرج عن محذور التعارض بين جهتي كلامٍ واحد ، ولا بأس بدفع التعارض بين الجهتين بما يُدفع به التعارض بين الخبرين .
وما لو قيل : «إنّ التعارض بين جهتي كلامٍ واحد غير جائز ولو جاز التعارض بين الكلامين» ليس بشيء .
وإن قلت : إنّ المفهوم تابعٌ للمنطوق ، فلا مجال لمُعارضته معه .
قلت : إنّ التبعيّة إنّما تنافي التعارض بالتباين ، والتعارض في المقام من باب العموم والخصوص من وجه .
ومع ذلك نقول : ظاهر الإيراد بالتناقض سلامة المنطوق عن المحذور ، مع

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7034
صفحه از 484
پرینت  ارسال به