229
الرّسائل الرّجاليّه

ولنعم ما في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام :

أبُنَيَّ إنّ من الرجالِ بهميةٌفي صورة الرجلِ السميعِ المبصرِ
طنٌ بكلّ رَزِيةٍ في مالهوإذا أُصيبَ بدينِه لا يَشْعُرُ ۱
بقي أ نّه قد أعجبني أن أذكر في المضمار طائفة من الأخبار :
فقد روى الكليني نقلاً بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام :
إذا رأيتم العالمَ محبّا لدنياه فاتّهموه على أمر دينكم ، فإنّ محبّ كلّ شيء يَحوط ما أحبّ .
وقال : أوحى اللّه إلى داوود على نبيّنا وآله وعليه السلام لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا ، فيصُدّك عن طريق محبّتي ، فإنّ أولئك قُطّاع طريقِ عبادي المريدين ، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أنْ أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم ۲ .
وروى الصدوق في الخصال بإسناده إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم ۳ وطنطنتهم بالليل ، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة ۴ .
وروى الصدوق أيضا في الخصال في مرسل إسماعيل بن مهران وعليّ بن أسبأط عن أبي عبد اللّه عليه السلامقال : قال في العلماء :
مَنْ يحبّ أن يخزن علمه ولا يؤخذ عنه ، فذاك في الدرك الأسفل من النار ؛ ومن العلماء مَنْ إذا وعظ عنف ، فذاك في الدرك الثاني من النار ؛ ومن العلماء مَنْ يرى أن يضع العلم عند ذي الثروة والشرف ولا يرى له

1.الديوان المنسوب لأمير المؤمنين عليه السلام : ۶۷ .

2.الكافي ۱ : ۴۶ ، ح ۴ ، باب المستأكل بعلمه والمباهي به .

3.في المصادر زيادة : «وكثرة الحجّ والمعروف» .

4.الأمالي للصدوق : ۳۰۳ ، ح ۶ ، المجلس الخمسون ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام۲ : ۵۱ ، ح ۱۹۷ ، باب ۳۱ ؛ الاختصاص : ۲۲۹ . ولم نجد هذه الرواية في الخصال .


الرّسائل الرّجاليّه
228

بتوسّط التقوى تحصل له القوّة ، وترتّب عليه آثار محمودة وحسن الذكر أبد المدّة ، فالتقوى أمام المقصود ، بل لا مقصود غير هذا المقصود . وباللّه من الفتوى والحكم بغير ما أنزل «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الْكَـفِرُونَ» ۱ «فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ» ۲ «فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الظَّــلِمُونَ» ۳ «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَـلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» ۴ و «لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ» ۵ .
فانظر أ نّه كيف يتجاسر غير القابل على العصيان ، وأرباب الزنا واللواط والشرب يخفون العصيان ، وكيف يلعن هذا على عُمَر وهو أسوء حالاً منه بمراتب شتّى لا تحصى ؛ لأنّ عُمَر لم يرتكب ما ارتكبه إلاّ بخيال رئاسة وجه الأرض ، وهذا ـ أعني غير القابل ـ لم يرتكب ما ارتكبه إلاّ بخيال رئاسة قليلة ، ولا سيّما بعض مَنْ ركب هذا المركب .
وكيف يتوقّع هذا التمكين من أرباب الديوان وهو أضعف عنصرا عنهم بمراتب كثيرة أيضا ؛ لأنّه لم يتمكّن من العصيان إلاّ ما فعله ، وعلى منوال حال ذلك حال الإجازة من الأهل فضلاً من غير الأهل استدعاءً لانتشار الاسم وتوجّه الوجوه .
ثمّ ـ العياذ باللّه ـ كيف يتجاسر الإنسان ذو الطغيان بالعيان على عصيان خالق الإنس والجانّ ، ومع هذا يظهر النيابة عن إمام الزمان عليه آلاف التحيّة من اللّه الرّحيم الرحمن! ولَعَمْري يهزأ الكفّار من هذه النيابة وهذا الإيمان ، فبئس المطيّة التي امتطَتْ أنفسنا من هواها ، فواها لها ، فواها لها لِما سوّلَت لها ظنونَها ومُناها وتبّا لها لجرأتها على سيّدها ومولاها ، آه وانفساه ، آه وانفساه لا تنفس نَفَسا لغير الدنيا ولا تتخاطر على خاطرها الآخرة ، بل كأ نّها لا تستشعر بغير الدنيا ولا تعقل .

1.المائدة (۵): ۴۴.

2.المائدة (۵) : ۴۷ .

3.المائدة (۵) : ۴۵ .

4.الشعراء (۲۶) : ۲۲۷ .

5.الأنعام (۶) : ۶۷ .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6908
صفحه از 484
پرینت  ارسال به