221
الرّسائل الرّجاليّه

فالعدالة لابدّ أن تكون من الملكة ؛ لأنّ اعتبار الأعدليّة يكشف عن قبول العدالة للمرتبة ، فلابدّ أن تكون من الأُمور الوجوديّة ؛ لأنّ الأعدام لا تمايز فيها ولا تقبل التفاضل ، فبطل كونها نفس الاجتناب ، ولابدّ من كونها هي الملكة ؛ فالمقصود بالثقة في «ليس بذاك الثقة» هو المعنى اللغوي أعني الاعتماد ، وهو من الأُمور القلبيّة والموجودات النفسانيّة .
لكن يشكل الاستدلال المذكور بعد النقض بالأورع في بعض موارد ذكر الأعْدل ؛ حيث إنّ الوَرَع ليس من باب الملكة ، بل بمعنى ترك المحارم ، بل بالأترك في بعض أخبار التثليث من قول أمير المؤمنين عليه السلام في مرسلة الصدوق : «فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك» ۱ وإن كان الظاهر أنّ المقصود أنّ مَنْ تباعد عن فعل المشتبهات فهو عن فعل الحرام البيّن أبعد بأنّ الترك وإن لا يقبل التفاضل كيفا باعتبار المتعلّق ـ وبعبارة اُخرى لا يقبل الشدّة والضعف ـ إلاّ أ نّه يقبل التفاضل كمّا باعتبار المتعلّق ؛ حيث إنّه ربّما يترك شخص معصيةً ، وآخر معصيتين ، وثالث ثلاثةً ، أو يترك شخص معصيةً في زمان ، ويترك اُخرى في زمان زائدا على ذلك الزمان ، وهكذا . والتفاضل في اسم التفضيل لا يلزم أن يكون من جهة الكيف .
فإن قلت : إنّ المفروض في العادل كونه مجتنبا عن الكبائر والإصرار على الصغائر ، فكيف يكون أحد العادلين أزيد تجنّبا عن الآخر؟
قلت : في المقام عرْض عريض ؛ حيث إنّ أحدهما ربّما يتكرّر منه ارتكاب كبيرة ويتوب كلّ مرّة ، والآخر لا يرتكب الكبيرةَ رأسا ، أو يتكرّر منه ارتكابُ كبيرةٍ واحدةٍ مع التوبة كلّ مرّة ، وهو أزيدُ تجنّبا من الأوّل ، وهكذا . بل ربّما يتجنّب أحدُهما عن الشبهات تجنّبا عن المحرّمات الواقعيّة ، والآخر يقتصر على

1.الفقيه ۴ : ۵۳ ، ح ۱۹۳ ، باب نوادر الحدود ؛ وسائل الشيعة ۱۸ : ۱۱۸ ، أبواب صفات القاضي ، ب ۱۲ ، ح ۲۲ .


الرّسائل الرّجاليّه
220

السابـع والثلاثـون : [ كلام ابن داوود في التوثيق أو نقله ]

أ نّه قد ذكر المولى التقي المجلسي أنّ كلام ابن داوود ومَنْ تأخّر عنه : ثقة جش ، أومح ، أوست ، من باب التوثيق ونقل التوثيق ، وبعبارة اُخرى من باب الدراية والرواية وعلى منوال «ثقة» حال غير ثقة .
وليس بالوجه ؛ حيث إنّ الظاهر ـ بل بلا إشكال ـ أنّ الأمر من باب صِرْف النقل والرواية ، بل الظاهر أنّ المقالة المذكورة مختصّة بالمولى المشار إليه .

الثامن والثلاثون : [ في قولهم : «ليس بذاك الثقة» ]

أ نّه قد يقال على ما يقال في بعض التراجم : «ليس بذاك الثقة» وربّما قيل بإشعاره إلى نوع من المدح ؛ بملاحظة أنّ الظاهر كون الغرض أ نّه ليس بحيث يوثق به وثوقا تامّا ، فمقتضاه ثبوت نوعٍ من الوثوق .
ولعلّه لا بأس به .
وتحريره أنّ مقتضى ورود النفي على المقيّد كونُ المتقي والمسلوب كمالَ الوثوق ، فمقتضاه ثبوت نوعٍ من الوثوق .
هذا ، ولا مجال لكون المقصود بالوثاقة في المقام هو العدالة ؛ بناءً على كونها هي نفس الاجتناب كما هو الأظهر ؛ لعدم قابليّة العدالة للمرتبة والتفاضل على ذلك ، كيف! والأعدام لا تتمايز حتّى صار من المثل ، ومن ذلك الاستدلالُ على اعتبار الملكة في العدالة بتضافر النصوص والفتاوى باعتبار الأعدليّة في موارد ، كتشاحّ الإمامين ، وتعارض الشاهدين ، واختلاف الروايتين .

  • نام منبع :
    الرّسائل الرّجاليّه
    سایر پدیدآورندگان :
    ابوالمعالى محمد بن محمد ابراهیم کلباسى، تحقیق: محمد حسین درایتى
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6669
صفحه از 484
پرینت  ارسال به