كتاب العقل والجهل
قال عليه السلام : استنطقه . [ ص۹ ح۱ ]
أقول : أي جعله ذا نطق ، ولعلّ المراد به أكمل العقول البشريّة ، وهو النفس المحمّديّة. ويناسبه صلى الله عليه و آله الإقبال إلى الدنيا والإهباط إلى الأرض رحمة للعالمين فأقبل فكان نوره مع كلّ نبيّ باطناً ، ومع شخصه المبعوث ظاهراً كما يشعر به ما روي عنه صلى الله عليه و آله : «نحن الآخرون السابقون» ۱ يعني الآخرون بالخروج والظهور كالثمرة ، والأوّلون بالخلق والوجود كالبذر ، فهو بذر شجرة العالم ، أو الأوّلون بتصديق العهد والميثاق في نشأة « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » ۲ كما وقع في الأخبار الآتية ، ثمّ قال له : أدبر ، أي ارجع إلى ربّك ، فأدبر عن الدنيا ورجع إلى ربّه ليلة المعراج وعند المفارقة عن دار الدنيا ثمّ قال : «وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منك» .
ومن الظاهر انطباقه عليه صلى الله عليه و آله لأنّه حبيب اللّه .
ومن المتكلّمين مَن توهّم أنّ محبّته تعالى لغيره يوجب نقصاً في ذاته تعالى كالزمخشري ۳ وأترابه ؛ ذهولاً عنهم أنّ محبّته تعالى لخلقه راجعة إلى محبّته ذاته ، وذلك تقرّر في حكمة ما بعد الطبيعة أنّ ذاته تعالى أحبّ الأشياء إليه وهو أشدّ مبتهج