413
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

ثمّ اعلم أنّهم اختلفوا في ثبوت الواسطة بين الصحّة والمرض لا في ثبوت حالة وصفة لا يصدق عليها الصحّة والمرض كالعلم والقدرة ، بل في ثبوت حالة لا يصدق معها على البدن أنّه صحيح أو مريض ، فأثبتها جالينوس فيمن يكون ببعض أعضائه آفة ، أو من يمرض مدّةً كالشتاء ، ويصحّ مدّة كالصيف .
واعترض عليه الرئيس بأنّ مبنى ذلك على إهمال شرط التقابل بين الصحّة والمرض ؛ لأنّ العضو الواحد في زمان واحد من جهة واحدة لا يخلو من أن يكون معتدل المزاج سويّ التركيب بحيث يكون فعله سليماً ، أو لا يكون كذلك ، فلا يتصوّر واسطة .
ثمّ قال : إن فسّرهما مفسّر واعتبر فيهما شرائط اُخر كأن يذكر في حال الصحّة سلامة جميع الأفعال ليخرج عنه سالم البعض ، ومن كلّ عضو ليخرج عنه من كان بعض أعضائه مأوفاً، وفي كلّ وقت ليخرج عنه من يصحّ ويمرض مدّة ، وأن لا يكون هناك استعداد يقتضي سهولة الزوال ليخرج عنه الناقه والشيخ والطفل ، ويذكر في حدّ المريض آفة الجميع أي آفة جميع الأحوال في جميع الأوقات ليخرج عنه هذه الاُمور المتقدّمة من حدّ المريض أيضاً كانت بينهما واسطة للناهقين والأطفال والمشايخ ، وإلاّ فلا يكون بينهما واسطة إلاّ أنّ النزاع حينئذٍ يصير لفظيّاً ۱ .
قال قدس سره : إنّهم ما شاؤوا . [ ص۱۶۵ ح۴ ]
أقول : من دون توقّفه على إذن من اللّه ، يعني ليسوا مستقلّين في القدرة ، وهذا ، إبطال للتفويض بالمعنى الثاني .
قال : ثمّ قال . [ ص۱۶۵ ح۴ ]
أقول : استيناف لبيان قوله : «وللّه فيه المشيّة» أي يوافق ويخذل من دون جبر . ومن الجائز أن يكون المراد بخلق السعادة من دون جبر كما تقدّم في باب السعادة والشقاوة من الأحاديث .

1.راجع : القانون ، ج۱ ، ص۷۴ الفصل الثاني من التعليم الأول .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
412

إلاّ بشركة من موضوعاتها .
والمراد أنّ الصحّة علّة لصيرورة البدن مصدراً للفعل السليم كما أشرنا إليه ، وهذا معنى واضح .
ومنها : أنّ السليم هو الصحيح ، فالتعريف به دوريّ .
وأجيب عنه بأنّ المراد من السلامة صحّة الأفعال ، وهي محسوسة ، وصحّة البدن غير محسوسة ، فعُرّف الثاني بالأوّل لكونه أجلى ، فلا إشكال .
وأمّا المرض ، فهو ملكة أو حال مضادٌّ للصحّة تصدر عنها الأفعال من الموضوع لها غير سليمة .
وذكر في مواضع من الشفاء أنّ المرض من حيث هو مرض بالحقيقة عدم ـ لست به أعني من حيث هو مزاج أو ألم ـ هذا مشعر بأنّ المرض عدم ملكة للصحّة .
ووجه التوفيق هو أنّ عند الصحّة يحدث هيئة هي مبدأ لسلامة الأفعال تزول تلك الهيئة وتحدث هيئة اُخرى ، فإن جعل المرض عبارة عن عدم الهيئة الاُولى وزوالها ، فبينهما تقابل العدم والملكة بحسب التحقيق ، ويقال : التضادّ بحسب الشهرة ؛ لأنّ المشهور أنّ الضدّين أمران لا يجتمعان في محلّ واحد من جهة واحدة .
واعترض عليه الفاضل الرازي بأنّهم اتّفقوا على أنّ إحساس الأمراض المفردة ثلاث : سوء المزاج ، وسوء التركيب ، وتفرّق الاتّصال ، والأوّل من الكيفيّات المحسوسة ، والثاني من الانفعاليّات ، والثالث إمّا مقدار أو وضع أو عدد أو شكل أو انسداد مجرى نحيل بالأفعال وليس شيء منها داخلاً تحت الحال والملكة ، فلا يكون المرض حالاً أو ملكة .
والجواب عنه بعد تسليم كون التضادّ بين الصحّة والمرض حقيقيّا أنّ المقصود أنّه كيفيّة نفسانيّة يحصل عنده هذه الاُمور ، وينقسم باعتبارها ، وهذا معنى ما قيل : إنّها منوّعات أُطلق عليها اسم الأنواع ، فمن قسّم المرض إلى هذه الثلاثة وعرّف الصحّة باعتدال المزاج أو المزاج المعتدل ، قد تسامح بجعله الصحّة والمرض من المحسوسات ؛ إذ هما من الكيفيّات النفسانيّة .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6469
صفحه از 476
پرینت  ارسال به