ثمّ اعلم أنّهم اختلفوا في ثبوت الواسطة بين الصحّة والمرض لا في ثبوت حالة وصفة لا يصدق عليها الصحّة والمرض كالعلم والقدرة ، بل في ثبوت حالة لا يصدق معها على البدن أنّه صحيح أو مريض ، فأثبتها جالينوس فيمن يكون ببعض أعضائه آفة ، أو من يمرض مدّةً كالشتاء ، ويصحّ مدّة كالصيف .
واعترض عليه الرئيس بأنّ مبنى ذلك على إهمال شرط التقابل بين الصحّة والمرض ؛ لأنّ العضو الواحد في زمان واحد من جهة واحدة لا يخلو من أن يكون معتدل المزاج سويّ التركيب بحيث يكون فعله سليماً ، أو لا يكون كذلك ، فلا يتصوّر واسطة .
ثمّ قال : إن فسّرهما مفسّر واعتبر فيهما شرائط اُخر كأن يذكر في حال الصحّة سلامة جميع الأفعال ليخرج عنه سالم البعض ، ومن كلّ عضو ليخرج عنه من كان بعض أعضائه مأوفاً، وفي كلّ وقت ليخرج عنه من يصحّ ويمرض مدّة ، وأن لا يكون هناك استعداد يقتضي سهولة الزوال ليخرج عنه الناقه والشيخ والطفل ، ويذكر في حدّ المريض آفة الجميع أي آفة جميع الأحوال في جميع الأوقات ليخرج عنه هذه الاُمور المتقدّمة من حدّ المريض أيضاً كانت بينهما واسطة للناهقين والأطفال والمشايخ ، وإلاّ فلا يكون بينهما واسطة إلاّ أنّ النزاع حينئذٍ يصير لفظيّاً ۱ .
قال قدس سره : إنّهم ما شاؤوا . [ ص۱۶۵ ح۴ ]
أقول : من دون توقّفه على إذن من اللّه ، يعني ليسوا مستقلّين في القدرة ، وهذا ، إبطال للتفويض بالمعنى الثاني .
قال : ثمّ قال . [ ص۱۶۵ ح۴ ]
أقول : استيناف لبيان قوله : «وللّه فيه المشيّة» أي يوافق ويخذل من دون جبر . ومن الجائز أن يكون المراد بخلق السعادة من دون جبر كما تقدّم في باب السعادة والشقاوة من الأحاديث .