وربّما تخصّ الصحّة بصحّة الحيوان أو الإنسان فيقال : الصحّة كيفيّة لبدن الإنسان أوالحيوان ، إذ كلّ ذلك وقع في عبارة الرئيس ۱ .
أمّا الأوّل ، فقد عرفت موضعه .
وأمّا الثاني ، فقد ذكر في الفصل الثاني من المقالة السابعة من قاطيغوريا الشفاء فإنّه قال : الصحّة ملكة في الجسم يصدر عنها أي لأجلها أفعاله الطبيعيّة وغيرها على المجرى الطبيعي ، وكأنّه إنّما لم يذكر إمّا لأنّ فيها اختلافاً ، وإمّا لعدم الاعتداد بها .
وأمّا الثالث ، فقد ذكر في الفصل الثاني من التعليم الأوّل من كتاب القانون حيث قال: الصحّة هيأة بها يكون بدن الإنسان في مزاجه وتركيبه بحيث تصدر عنه الأفعال كلّها صحيحة سالمة ۲ .
وأورد الفاضل الرازي هاهنا شكوكاً :
منها : أنّ المناسب أنْ يقدّم الحال على الملكة لتقدّمها في الحدوث .
واُجيب عنه بأنّ ذلك لشرفها عليها باعتبار رسوخها أو لكونها أغلبه منها في الصحّة ، أو لأنّها لم يقع الاختلاف في كونها صحّة بخلاف الحال ، أو لأنّها غاية الحال ، وهي متقدّمة عليها تقدّما بالعلّيّة .
ومنها : أنّ في الحدّ اضطراباً ؛ إذ قوله : «تصدر عنها الأفعال» مشعر بأنّ المبدأ هي تلك الملكة أو الحال .
وقوله : « من الموضوع » مشعر بأنّه البدن واجب عنه بوجهين :
أحدهما : أنّ هذه الكيفيّة مبدأ فاعليّ والموضوع مبدأ قابليّ، والمعنى : كيف يصدر عنها الأفعال الكائنة من الموضوع الحاصلة هي فيه .
وثانيهما : أنّ الموضوع فاعل ، والصحّة واسطة ، والمعنى : لأجلها أو بواسطتها يصدر عنها الأفعال من الموضوع ، والحقيقة أنّ القوى الجسمانيّة لا يصدر فيها أفعالها