387
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

قال عزّ من قائل في سورة الأحزاب : « كَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا » ۱ وسورة الروم : « لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَ مِن بَعْدُ » ۲ .
وفي سورة مريم : « إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ » ۳ .
وفي سورة بني إسرائيل : « وَ إِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فيها » ۴ على تقدير كون أمرنا جزاءا للشرط لا صفة «قرية» كما ارتضاه المرتضى في غرر الفوائد ۵ .
وكذا الكلام في نهيه عن فعل الغير . وإنّما قلنا : إنّ المراد بالأمر والنهي ما ذكرنا لا الأمر والنهي التكليفيّين حيث إنّه إنْ حمل التفويض حينئذٍ على الرخصة في الرأي والقياس في أحكام الشرع ، لم يحسن مقابلته مع الجبر ، وأيضاً تأبى عنه الفاء في جواب قول السائل: «ففوّض» كلَّ الاباء ، وقس عليه أمر ما يتلوه من الحديث حيث وقع فيه : «لا جبر ولا قدر » . الحديث .
قال عليه السلام : لم يحصرهم . [ ص۱۵۹ ح۱۱ ]
أقول : الحصر ـ بالحاء والصاد والراء المهملات ـ : المنع والحبس ۶ . والمراد بالأمر هنا فعل أو ترك من اللّه تعالى يعلم ـ أجلّ مجده ـ أنّه يفضي إلى صدور فعل عن العبد اختيارا ولولاه لم يصدر ، والمراد بالنهي فعل أو ترك من اللّه تعالى يعلم ـ جلّ وعزّه ـ أنّه يفضي إلى صدور ترك عن العبد اختياراً ولولاه لم يصدر .
والمقصود أنّه لو فرض إليهم لم يكن بيده أزمّة الاُمور . وبطلانه كالنور في شاهق الطور .

1.الأحزاب (۳۳) : ۳۸ .

2.الروم (۳۰) : ۴ .

3.مريم (۱۹) : ۳۵ .

4.الإسراء (۱۷) : ۱۶ .

5.الأمالي للسيّد المرتضى ، ج۱ ، ص۲ ، المجلس ۱ .

6.النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۸۰ ( حصر ) .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
386

أقول : أي أقدر وأغلب ۱ . هذا ردّ على المفوّضة كما عرفت أنّ التفويض قسمان حيث ما زعموا يفضي إلى عجزه وخروجه عن سلطانه وعزّه كما سيأتي في ثاني باب الاستطاعة والقدرة عبارة عن هؤلاء ، وإنّما سمّوا به لما عرفت من أنّ إقدار اللّه تعالى العبد بحيث خرج عن كونه تعالى قادراً على فعله أو تركه لاستقلال العبد في ذلك .
في النهاية : يقال : قدرت الأمر أَقْدره ، وأَقْدَرَه : إذا نظرت فيه ودبّرته ۲ .
فهؤلاء قدريّة بهذا المعنى كما أنّ الأشاعرة قدريّة بمعنى آخر يقابله .
وأمّا كون المفوّضة قدريّة حيث إنّهم لما قالوا : إنّه ليس للّه قدر أي تدبير أصلاً في أفعالنا مادام إقدارنا وتدبيرنا عليها ، نسبوا جميع القدر أي التدبير إلى أنفسهم فنسبوا إلى ما نسبوه بالكلّيّة إلى أنفسهم .
وسيأتي في باب اُصول الكفر وأركانه : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «خمسة لعنتهم ...» إلى قوله : «والتارك لسنّتي والمكذّب لقدر اللّه » ۳ الحديث .
وفي باب ما أمر النبيّ صلى الله عليه و آله بالنصيحة لاُمّة المسلمين : « لا يدخل الجنّة قدريّ ، وهو الذي يقول : لا يكون ما شاء اللّه عزّوجلّ ، ويكون ما شاء إبليس» الحديث ۴ .
ووجه كون المفوّضة حزب الشيطان ـ على ما وقع في حديث أصبغ بن نباتة ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام كما تقدم ـ أنّهم قالوا كالمجوس : إنّ الشيطان مستقلّ بالقدرة على فعله ، وفعله مفوَّض إليه . وقد يقع ما شاء الشيطان دون ما شاء اللّه ، وقد وضعت المجوس حكايات في أنّه وقع الحرب بين اللّه والشيطان . وظاهر قوله عليه السلام في ذلك الحديث «وقدريّة هذه الاُمّة » أنّ لفظة القدريّة كانت في الأصل واقعة عن المجوس نقلت إلى المفوّضة كما في هذا الخبر الذي نحن بصدد شرحه .

1.انظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۸۵۵ ( عزز ) .

2.النهاية ، ج۴ ، ص۲۳ (قدر) .

3.الكافي ، ج۲ ، ص۲۹۳ ، ح۱۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج۱۵ ، ص۳۴۱ ، ح۲۰۶۹۲ . وراجع : المحاسن ، ج۱ ، ص۱۱ ، ح۳۳ .

4.الفقيه ، ج۴ ، ص۵۴۶ . وراجع : الكافي ، ج۱ ، ص۴۰۴ ، ضمن ح۲ ؛ تفسير القمّي ، ج۱ ، ص۲۳ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6299
صفحه از 476
پرینت  ارسال به