379
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

مجوس هذه الاُمّة » ۱ ، وإذ من البيّن أنّ المجوس ينسبون الخير إلى اللّه تعالى والشرّ إلى الشيطان ، والقدريّة كذلك كان من هذه اللفظ من هذه الطائفة .
وهذا إنّما يدلّ على أنّه لو لم يكن مورد الحديث يتأدّى على خلافه وليس كذلك حيث إنّ المرويّ عن نبيّنا وإمامنا يتأدّى على خلافه نداءً عليّاً على أنّ قول المعتزلة وفاقاً لأصحابنا الإماميّة إنّما يكون كعقل المجوس لو دلّ على أنّ مبدأ المبادي اثنان ، وليس في كلامهم ما يوجب ذلك .
ومنها ما روي عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : « إذا قامت القيامة ينادي منادٍ : أين خصماء اللّه تعالى ؟» ۲ .
والخصم إنّما يكون من اعترض عليه ويقول : إنّ بعض الأفعال منافٍ بعضه منه لا من يقول : إنّ كلّها من اللّه .
وأنت خبير بما يرد عليه ؛ إذ المخاصمة لا يقتضي أن يكون بهذه ؛ لجواز أن يكون بوجه آخر ، وهو أن ينسب إليه مالا يكون له تعالى كأن يقول : إنّ أفعالاً فعلها غيره تعالى باختيارهم وإرادتهم كالصلاة والزكاة والزنى والسرقة إنّما فعله اللّه تعالى مع أنّ العقل والنقل الذي هو من أقواله وأفعاله أو من أقواله صدق اللّه يدلّ على خلافه فيكون خصماء له تعالى في أنّهم لا يقبلون قوله ، ولا قول رسوله ، ويقولون خلاف ما يقوله .
قال عليه السلام : ونهى تحذيراً . [ ص۱۵۵ ح۱ ]
أقول : أي نهى العباد عن المعاصي على سبيل التحذير لا الإجبار .
قال عليه السلام : ولم يملّك مفوّضاً . [ ص۱۵۵ ح۱ ]
أقول : هذا إشارة إلى بطلان ما عليه المفوّضة من المعتزلة ، هذا في حدّ التفريط ، كما أنّ ما عليه الأشاعرة في حدّ الإفراط ، وذلك لأنّ التفويض لغةً ردّ الأمر في شيء إلى أحد وجعله حاكماً فيه ، كما أنّ الموكّل صرف الأمر في شيء إلى أحد وجعله معتمدا

1.التوحيد ، ص۳۸۲ ، ح۲۹ ؛ سنن أبي داود ، ج۲ ، ص۴۱۰ ، ح۴۶۹۱ .

2.تفسير الثعلبي ، ج۹ ، ص۲۶۳ .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
378

في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بدليل قولهم : «وَ اللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا» ۱ ، كما يجيء في ثاني الباب .
قال عليه السلام : وقدريّة هذه الاُمّة ومجوسها . [ ص۱۵۵ ح۱ ]
أقول : مجوسها هم الأشاعرة لا المعتزلة ، والدليل على ذلك ما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال لرجل قدم عليه من فارس : «أخبرني بأعجب شيء رأيته» ، فقال : رأيت قوماً ينكحون اُمّهاتهم وأخواتهم ، فإذا قيل لهم : لِمَ تفعلون ؟ قالوا : قضاء اللّه علينا وقدره . فقال صلى الله عليه و آله : « سيكون في آخر اُمّتي أقوام يقولون مثل مقالتهم اُولئك مجوس هذه الاُمّة » ۲ .
وما روي عن الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام : من أنّه قال : « بعث اللّه تعالى محمّداً إلى العرب ، وهم قدريّة يحملون ذنوبهم على اللّه » . ويصدّق قوله هذا ما قاله تعالى : « وَإِذا فَعَلُواْ فَـحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ ءَابَآءَنَا وَ اللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا » ۳ .
ثمّ إنّ الحسن البصري قال : من زعم أنّ المعاصي من اللّه ـ عزوجل ـ جاء يوم القيامة مسودّاً وجهه ۴ .
ثمّ قرأ قوله تعالى : « وَ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ » ۵ .
ومن الناس من ظنّ أنّه يشمل المعتزلة ، وهو كان من معاصرينا ۶ . وهو ظنّ باطل بعد ما عرفت من الشواهد الصادقة .
ثمّ الأشاعرة قالوا : إنّ مجوس هذه الاُمّة هم المعتزلة لقوله صلى الله عليه و آله : « فإنّ القدريّة

1.الأعراف (۷) : ۲۸ .

2.الطرائف ، ص۳۴۴ ؛ بحار الأنوار ، ج۵ ، ص۴۷ ، ح۷۴ .

3.الكشّاف ، ج۲ ، ص۷۵ ؛ البحر المحيط ، ج۴ ، ص۲۸۶ وفيهما : «عن الحسن البصري» ؛ شرح المازندراني ، ج۵ ، ص۱۱ . والآية في سورة الأعراف (۷) : ۲۸ .

4.في المخطوطة : «وجوههم» .

5.الأمالي للسيّد المرتضى ، ج۱ ، ص۱۰۶ المجلس ۱۰ ؛ والآية في سورة الزمر (۳۹) : ۶۰ .

6.راجع : المواقف ، ج۳ ، ص۶۵۸ ؛ شرح المقاصد ، ج۲ ، ص۱۴۳ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6523
صفحه از 476
پرینت  ارسال به