ثمّ إنّ معتزلة بصرة ذهبوا إلى أنّه يجب عليه الأصلح بمعنى الأنفع للعبد في دينه ودنياه ۱ .
ويرد عليهم النقض بخلق الكافر والنقض بالإخوة الثلاثة : أحدهم مات بالغا مؤمناً ، والثاني مات بالغا كافرا ، والثالث مات صبيّاً ، وهو مبنيّ على أنّه لا يتعلّق التكليف بالصبيّ في الآخرة ، وهو منافٍ للأخبار .
باب الابتلاء والإختبار
قال : باب الابتلاء والإختبار . [ ص۱۵۲ ]
أقول : من الناس من توهّم أنّ هذا الباب ينافي وجوب اللطف على اللّه حيث قال : إنّ المراد بالابتلاء فعل أو ترك صادر من اللّه تعالى لحكمة ومصلحة توجب ذلك وتقرّب العبد إلى العصيان وكذا الاختبار ، ويقال : الفتنة أيضاً ، قال تعالى حكاية في سورة الأعراف : « إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ » ۲ فقال تعالى : « أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءَامَنَّا وَ هُمْ لاَ يُفْتَنُونَ » ۳ ، والجميع مَجازات في حقّه تعالى ، والمراد ضدّ اللطف . انتهى .
وهذا كما ترى ؛ حيث إنّ اللطف ليس إلاّ ما يقرّب العبد إلى فعل الطاعة وتبعّده عن المعصية . واللطف بهذا المعنى واجب عليه تعالى ؛ إذ لو لم يكن الأمر كذلك ، لم يحصل الغرض من التكليف الذي هو التعريض للثواب ؛ إذ العبد إنّما يحصل له هذا التعريض بتكليف أمر يمكن له أن يفعله ، وليس تكليف أحد بأمر يتوقّف على أمر ليس يمكن أن يوجَد إلاّ بإيجاده تعالى حين لم يوجده من اُمور للعبد أن يفعله ، فلو لم يجب [على] الواجب تعالى اللطف ، لم يحصل الغرض من التكليف .