257
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

على الوجه الذي عرف آنفاً ـ ألواناً ، فله ذلك إلاّ أنّه يكون باشتراك الاسم .
هذا كله إذا أُخذ كلامه بظاهره ، وأمّا إذا نُظِر إليه بتحديق النظر ، فليس فيه إلاّ أنّ المراد باللون إن كان ما يَحدث في الحاسّة هذه الكيفيةَ المحسوسة ، فليس له ذلك في الظلمة ، و إن لم يكن المراد ذلك بل كان أمراً أعمَّ منه كان له وجود في الخارج قبل الضوء ومعه وبعده على ما نبّه عليه بقوله : «لكنّه إن يسمّي».
فإن قلت : إنّ الشيخ ذكر في هذا المبحث حيث قال : «وليس لقائل أن يقول...» أنّ اللون موجود في الظلمة لكنّ الظلمة تمنعه عن الرؤية ؛ إذ المظلِم من الأهوية ليس يمنع رؤية ما وراءها وإلاّ لما جاز أن يرى الشيء عند كونه حائلاً بين الرائي والمرئيّ ، وليس كذلك ؛ إذ المرئيّ إذا كان له ضوء وكان بينه وبين الرائي هواء مظلم له أن يراه ، فلا يكون الهواء مانعاً .
قلت : إنّ اللون على التوجيهين مشروط وجوده بالضوء لا مطلقاً .
ومن تضاعيف البيان ظهر حال ما قيل في المواقف من أنّه قال ابن سينا وكثير من الحكماء : إنّ الضوء شرط لوجود اللون ، وإنّه إنّما يحدث عند حصول الغير ، غير موجود في الظلمة بل الجسم مستعدّ لأن يحصل فيه اللون المعيّن عند حصول الضوء فيما هو قابل له ، ثمّ نقل دليلاً على ذلك حيث قال : إنّه يقول : إنّا لا نرى اللون في الظلمة ، فانتفاء رؤيته فيها إمّا لعدمه ، أو لوجود عائق هو الهواء المظلم الذي هو واسطة بيننا ، لكنّ الثاني باطل ؛ إذ لو كان الهواء المظلم معاوقاً ممانعاً للرؤية ، لما جاز أن يدرك الشيء إذا صار الهواء المظلم واسطةً بين الرائي والمرئيّ ؛ لكنّ التالي باطل ، فكذا مقدّمته .
أمّا الملازمة ، فلوجوب انتفاء المعلول عند وجود المانع ، وأمّا بطلان التالي ، فلأنّ الرائي قد يكون في غار مظلم وفيه هواء كلُّه على الصفة التي تظنّه مظلماً ، وقد تبصر في خارج الغار جسماً مستضيئاً بضياء النار أوقدت هناك نار ۱ .

1.المواقف ، ج۱ ، ص۶۵۰ ـ ۶۵۲ بتفصيل واختلاف يسير . وراجع : كشف المراد ، ص۲۳۳ .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
256

وبعبارة اُخرى : إنّ اللون أمر له أن يحدث في الباصرة هيأة معيّنة اُطلق عليها لفظ اللون ، وهو في الظلمة ليس ۱ كذلك ، فلا يكون موجوداً .
يرشدك إلى ذلك ما ذكره بقوله : إلاّ أن يكون على الجهة التي نراها ، ولا يكون على هذه الجهة إلاّ أن يكون منيرة ؛ لأنّه يدلّ على أنّ الضوء شرط لوجوده على الجهة التي نراها ، فلذا قال : «إذ عنينا بالملوّن بالفعل هذا الشيء... » إلى آخر ما نقلناه .
فقد بان أنّ اللون على تلك الجهة مشروط بالنور والضوء ، والناظرون لفي غفلة عريضة عن هذا ، وعن احتمالٍ آخَرَ حسبما اختار أنّ المحسوس بالحقيقة ليس إلاّ في الحاسّة ، إنّما يحصل فيها نفس الأشياء المحسوسة لا صورتها .
ومثالها على ما أشار إليه في مباحث القوى ، فيكون المراد من توقّف اللون على الضوء توقُّفَ هذا اللون الحادث في الحاسّة عليه ؛ إذ من البيّن أنّ اللون إنّما يحدث في الباصرة بسبب الضوء ، وأنّ حدوث اللون في الباصرة كحدوث اللون في الحائط من انعكاس الضوء عن الجسم الشفّاف ، فكما أنّ حدوثه في الحائط مشروط بوجود الضوء كذلك حدوثه في الباصرة مشروط به .
فإن قلت : غاية ما لزم من ذلك كون حدوث اللون مشروطاً بالضوء في الوجود الذهني ، ولا كلام فيه بل الكلام في أنّ اللون الموجود في الخارج هل وجوده مشروط فيه بالضوء أم لا ؟
قلت : ليس ۲ المراد باللون الموجود في الخارج ما يُحدث اللون في الحاسّة المقابلة ، واللون الموجود في الخارج إنّما يُحدّث هذه الكيفيّةَ في الباصرة بعد وجود هذا الشرط ومعه ، فيكون ذلك شرطاً لوجوده فيه ، فلهذا قال الشيخ عقيب هذه الأحوال : ولكنّه إن يسمّي ۳ الإنسان الاستعداداتِ المختلفةَ ـ التي يكون في الأجسام

1.في المخطوطة : «ليست» .

2.في المخطوطة : «أن ليس » . ويمكن أن يقال : «إنّه ليس » .

3.كذا ، والظاهر : «يُسَمِّ» ، جازما بحذف حرف العلّة .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6455
صفحه از 476
پرینت  ارسال به