بوجه واحد هو ما عليه في نفس الأمر ، وليس كذلك . أمّا الملازمة ۱ ، فلأن ليس لتفسيره عمّا هو عليه وجه وجيه ؛ إذ الاُمور الموجودة في الخارج إذا كان بينه وبينه إضافة ، وجب رؤيته ۲ ، وإلاّ فلا .
وأمّا بطلان التالي فلأنّ أمراً واحداً قد نراه تارة أصغرَ واُخرى أكبرَ عمّا هو عليه ، وأيضاً لو كان الأمر كذلك ، لما رأى المبرسم ۳ والنائم والمجنون ما لا وجود له في الخارج ، وليس كذلك ؛ لإخبارهم برؤيتها إلاّ أن يلتزم أنّ لها وجوداً في عالم آخَرَ هو واسطة بين العالم الجسماني والروحاني هي مرئيّة فيه . وهو كما ترى .
ثمّ لا يخفى أنّ توسّط الهواء شرط في الرؤية ، وكذا الضوء شرط في رؤية اللون ، لا شرط لوجوده .
ثمّ اعلم أنّ ظاهر كلام الرئيس في طبيعيّات الشفاء هو هذا حيث قال :
واللون بالفعل إنّما يحدث بسبب النور ؛ فإنّ النور إذا وقع على جرم ما حدث فيه بياض بالفعل أو سواد أو خضرة أو غير ذلك ، فإن لم يكن ، كان أسودَ مطلقاً مظلماً لكنّه بالقوّة ملوّن ؛ إذ عنينا بالملوّن بالفعل هذا الشيء الذي هو سواد أو بياض أو حمرة أو ما أشبه ذلك ، ولا يكون البياض بياضاً والحمرة حمرة إلاّ أن يكون على الجهة التي نراها ، ولا يكون على هذه الجهة إلاّ أن تكون منيرة ۴ . ۵
هذا حاصل كلامه ، وظاهره أنّه ذهب إلى أنّ وجود اللون مشروط بوجود الضوء ، وأنّه غير موجود بالفعل إلاّ عند انضمام الضوء إليه ؛ إذ لا نعني باللون إلاّ أمراً يحدث في القوّة المدركة الحمرةُ أو الصفرة وما في الخارج منه لا يحدث هذا إلاّ إذا كان له ضوء ، فلا يكون وجودها إلاّ عند وجود الضوء .
1.كذا .
2.كذا . والظاهر : «بينها».
3.كذا . والظاهر : «رؤيتها» .
4.«المُبَرْسِم» : الذي به داء البرسام ، وهو الموم . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۴۶ (برسم).
5.الشفاء (الطبيعيّات) ، ص۸۸ ـ ۱۰۱ ، الفصل الثالث والرابع ، من المقالثة الثالثة من الفنّ السادس .