255
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

بوجه واحد هو ما عليه في نفس الأمر ، وليس كذلك . أمّا الملازمة ۱ ، فلأن ليس لتفسيره عمّا هو عليه وجه وجيه ؛ إذ الاُمور الموجودة في الخارج إذا كان بينه وبينه إضافة ، وجب رؤيته ۲ ، وإلاّ فلا .
وأمّا بطلان التالي فلأنّ أمراً واحداً قد نراه تارة أصغرَ واُخرى أكبرَ عمّا هو عليه ، وأيضاً لو كان الأمر كذلك ، لما رأى المبرسم ۳ والنائم والمجنون ما لا وجود له في الخارج ، وليس كذلك ؛ لإخبارهم برؤيتها إلاّ أن يلتزم أنّ لها وجوداً في عالم آخَرَ هو واسطة بين العالم الجسماني والروحاني هي مرئيّة فيه . وهو كما ترى .
ثمّ لا يخفى أنّ توسّط الهواء شرط في الرؤية ، وكذا الضوء شرط في رؤية اللون ، لا شرط لوجوده .
ثمّ اعلم أنّ ظاهر كلام الرئيس في طبيعيّات الشفاء هو هذا حيث قال :
واللون بالفعل إنّما يحدث بسبب النور ؛ فإنّ النور إذا وقع على جرم ما حدث فيه بياض بالفعل أو سواد أو خضرة أو غير ذلك ، فإن لم يكن ، كان أسودَ مطلقاً مظلماً لكنّه بالقوّة ملوّن ؛ إذ عنينا بالملوّن بالفعل هذا الشيء الذي هو سواد أو بياض أو حمرة أو ما أشبه ذلك ، ولا يكون البياض بياضاً والحمرة حمرة إلاّ أن يكون على الجهة التي نراها ، ولا يكون على هذه الجهة إلاّ أن تكون منيرة ۴ . ۵
هذا حاصل كلامه ، وظاهره أنّه ذهب إلى أنّ وجود اللون مشروط بوجود الضوء ، وأنّه غير موجود بالفعل إلاّ عند انضمام الضوء إليه ؛ إذ لا نعني باللون إلاّ أمراً يحدث في القوّة المدركة الحمرةُ أو الصفرة وما في الخارج منه لا يحدث هذا إلاّ إذا كان له ضوء ، فلا يكون وجودها إلاّ عند وجود الضوء .

1.كذا .

2.كذا . والظاهر : «بينها».

3.كذا . والظاهر : «رؤيتها» .

4.«المُبَرْسِم» : الذي به داء البرسام ، وهو الموم . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۴۶ (برسم).

5.الشفاء (الطبيعيّات) ، ص۸۸ ـ ۱۰۱ ، الفصل الثالث والرابع ، من المقالثة الثالثة من الفنّ السادس .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
254

أو مؤدّياً ، والأوّل باطل ؛ لاستحالة صيرورة الهواء حسّاساً على أنّ من المرئيّات ما لا يمكن أن يلامسه الهواء كالكواكب الثابتة .
أللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الإفلاك أيضاً يستحيل ومحال أن يستحيل الأفلاك .
وكذا الثاني فإنّ الهواء متّصل بكلّ بصر فلِمَ لا يؤدّي إلى جميع الأبصار ما يحسّه ، و إن كان مؤدّياً باستحالة تعرض له ، فلِمَ لا يستحيل إلاّ عن حدقتنا ولا يستحيل عن حدقتهم ؟ !
وإذ قد بطل كون الإبصار بخروج شيء من البصر ، بقي أن يكون الإدراك باستحالة من البصر عن المبصر ووصول صورة المبصر إليه بنفسه أو بمثاله أو مثله ، والأوّل باطل ؛ لامتناع الانتقال على الأعراض وانتقال موضوعاتها عن مواضعها بالإبصار ، فيتعيّن الثاني والثالث ، وهو المطلوب . انتهى . ۱
وظاهر الشيخ هو القول بالانطباع كما عليه أرسطو ، وأمّا أفلاطن معلّمه ، فيقول بالانطباع أيضاً ، لكن من دون استحالة الهواء المشفّ بين الرائي والمرئيّ بشعاع بصري .
ومن هنا اندفع الإشكال بأنّ الإبصار إن كان بالانطباع ، لزم استحالة الحدقة لا في زمان ؛ لكنّ التالي باطل ؛ إذ الباصرة في جسم فيمتنع حلول الكيفيّة فيها بدون الحركة .
ووجه الاندفاع ظاهر .
وأمّا ظاهر شيخ الإشراق ، فهو أنّ الرؤية يكون بإضافةٍ إشراقيّة بين الرائي والمرئيّ إذا كان المرئيّ واقعاً بوجه يمكن أن يصير قاعدة مخروط وهمي يخرج من البصر إليه ، ويكونَ، المرئيّ هو نفسَ الأمر الموجود في الخارج لا شبحَه ومثاله أو مثله . انتهى .
وظنّي أن ليس هذا مذهب الإشراقيّين بل الظاهر أنّ مذهبهم هو ما ذكره المعلّم الثاني . على أنّه لو صحّ ما ذهب إليه صاحب الإشراق ، لوجب أن لا يُرى شيء واحد إلا

1.الشفاء ، (الطبيعيّات) ، ص۱۰۲ ـ ۱۱۳ ، الفصل الخامس ، من المقالة الثالثة ، من الفنّ السادس .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6479
صفحه از 476
پرینت  ارسال به