253
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

القدماء ، وإمّا بأن ينتقل عنه البصر ، والأوّل باطل ؛ لأنّ الشيء الخارج عن البصر لا يجوز أن يكون إلاّ الجسم، لامتناع الانتقال على الأعراض ، فهذا الجسم إمّا جسم يصل إلى المدرِك فيدرك ، وإمّا أن يكون نفس الجسم الشافّ المتوسّط بين الرائي والمرئيّ إمّا باستحالته إلى جسم شعاعي ، أو بأن يؤدّيه إليه على ما رآه قوم .
والأوّل محال ؛ لأنّ من المحال أن يخرج عن البصر جسم متّصل طولُه يكون نصفَ العامل ، وينتهي إلى كرة الثوابت ، ثمّ يرجع ويعود إلى وضعه بفتح العين وغمضها ، ثمّ إذا أفتح العين ۱ وغمضنا مرّة اُخرى ، خرج عنها مثله وعاد إليه مرّة اُخرى خروجاً وعوداً يشبه خروجَ من له وقوف على من يفتح العين ، وعودَ من له وقوف كذلك .
وأيضاً لو كان الأمر كذلك ، لكان أن يرى الشيء البعيد غايةَ البُعد بشكله وعِظَمه ؛ إذ ۲ الرؤية تتمّ بوصوله إليه .
وأيضاً إن كان هذا الشعاع كخطّ أو خطوط جسماني ، لوجب أن يصرف عن المحاذاة إلى غيرها ، ولما كان له أن ينفذ في الأفلاك ؛ لامتناع خرقها .
وأيضاً إن كان هذا الشعاع جسماً طبيعيّاً يتحرّك بطبعه ، لوجب أن لا يتحرّك إلاّ إلى جهة واحدة ، وليس كذلك عند من يقول به ، وكذا الثاني ؛ لأنّ استحالة الهواء أمر يقبل الشدّة والضعف ، فلو كان الإبصار باستحالة الهواء ، لكان إذا اجتمعت عدّة من ضعفاء الأبصار ، رأوا المرئيّ أقوى ، وإذا تفرّقوا ، رأوه أضعفَ ، ولكان ضعيف البصر ، إذا قعد بجنب قويّ البصر ، رأى أشدّ ؛ لكنّ التالي باطل ، فكذا مقدّمه .
وأيضاً الهواء إن كان آلةَ الإبصار في الإحساس ، فهو إمّا أن يكون حسّاسا

1.كذا .

2.في المخطوطة : «إذا» .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
252

بمقابلة المعنى بالذات كذلك الصور المبصرة قد تحدث في الباصرة بالمقابلة ، وكما أنّ للضوء انعكاساً وانعطافاً تُوهّم حركته من جهة إلى جهة كذلك للإبصار حدوث انعطافيّ وانعكاسيّ .
قال الرئيس في طبيعيّات الشفاء ۱ بعد إبطال كون الرؤية بخروج الشعاع بأدلّة ظاهرة وحكم بأنّها بالانطباع قال : والعلّة في حدوث الشبح والمثل في البصر كعلّة الحرارة في عضو اللامس ، وأمّا كيفيّة الحال فيه فكالحال في وقوع الشعاع على شيء ملوَّن يتكيّف ما يحاذيه بكيفيّة بواسطة الشعاع والجسم الشافّ أيضاً هكذا هنا أيضا ينقل الضوء الألوانَ بواسطة الجسم الشافّ إلى الرطوبة ، فيتكيّف به لكن لا يكفي حدوثه فيها في الإبصار وإلاّ لَرُئي الشيء الواحد شيئين ؛ لانطباع صورته في جليدتي العينين ۲ .
ونوقض ذلك بالسامعة ، فلابدّ وأن ينتقل صورته إلى ملتقى العينين [ . . . ] ۳ قال : ذاتهما، لاستحالة الانتقال على الأعراض ، بل بأن يحدث فيه صورة واحدة مماثلة لهما ، ثمّ يتأدّى منه إلى الروح الباصرة .
قال المعلّم الثاني في رسالة جمع فيها بين رأيَيْ أرسطو ومعلّمه : أن ليس في الإبصار حقيقةً خروجُ الشعاع ولا الانطباع مع الاستحالة والحركة . انتهى .
وهذا يدلّ على الشعاع التوهّمي الخارج من العين ونفي الانطباع مع الاستحالة التي هي الحركة في الكيفيّة كما فصّل ذلك في الحكمة الطبيعيّة .
قال الشيخ في طبيعيّات الشفاء ما حاصله :
إنّ الإبصار إمّا بأن ينفذ شيء من البصر كما توهّم من ظاهر عبارات

1.راجع : كشف المراد ، ص۲۹۲ .

2.الشفاء (الطبيعيّات) ، ص۱۱۹ ، الفصل السادس ، من المقالة الثالثة ، من الفنّ السادس ؛ وص۱۳۲ ، الفصل الثامن .

3.المخطوطة أثّر عليها الحبر لا يمكن قراءة كلمة فيها .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6509
صفحه از 476
پرینت  ارسال به