221
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

رأينا» بما حاصله : أنّهما لو اتّفقا من كلّ جهة في استدعاء كلّ معلول معلول من حيث الوجوب الذاتي والطباع الإمكاني ، فامتياز بعضها في الاستناد إلى أحدهما دون الآخر يحتاج إلى ثالث من الآلهة ؛ لامتناع الترجيح من جهة الأوّلين لفرض اتّفاقهما من كلّ جهة .
وقد عبّر عن ذلك بقوله : «فرجة بينهما» ، وهو ما يفيد تميز بعض الممكنات عن البعض باستناده إلى أحدهما دون الآخر على ما قال . فصارت الفرجة ثالثاً بينهما قديماً معهما .
ثمّ بمقتضى طباع الوجوب والإمكان يكون نسبة جميع الممكنات إلى آلهة ثلاثة على سنّة واحدة . ولما كان كلّ من الأوّلين مع الثالث اثنين ، فيحتاج إلى فرجتين ، وهما إلهان آخَران ، والأمر يتمادى إلى ما لا يتناهى . وقوله عليه السلام : « فإن ادّعيت ثلاثة ، لزمك ما قلت في الاثنين » ، وهو غير كلّ واحد منهما ، وهو ثالث اثنين من الآلهة ؛ لاستغنائه عن المؤثّر ، فهو ممّا لا نسوّغه ؛ لعدم مساعدة العقل ولا اللغة مع أنّ كلّ مركّبٍ ممكنٌ ؛ لافتقاره إلى العلّة التألّفيّة وإن استغنى عن العلّة الصدوريّة كما حقّق في الحكمة الإلهيّة .
قال عليه السلام : فلمّا رأينا . [ ص۸۱ ح۵ ]
أقول : هذا ثاني البراهين ، وهو أحد الوجوه البرهانيّة في تفسير قوله تعالى : « لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا » ۱ .

قال عليه السلام : وجود الأفاعيل . [ ص۸۱ ح۵ ]
أقول : من الأدلّة الدالّة على الدليل «الإنّي» على إثبات وجوده تعالى كقوله سبحانه : «سَنُرِيهِمْ ءَايَـتِنَا فِى الْأَفَاقِ وَ فِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» ۲ .
ثمّ إنّ الأفاعيل جمع «أُفعولة» ، وهي الفعل العجيب الذي روعي فيه دقائق الحكمة كخلق الإنسان وأعضائه وعروقه وأحشائه وعضلاته وغيرها كما تضمّنها علم

1.الأنبياء (۲۱) : ۲۲ .

2.فصّلت (۴۱) : ۵۳ .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
220

فقوله : «لا يخلو» ، إلى قوله : «فإن قلت» بما حاصله : أنّه على تقدير تعدّده فإمّا أن يكونا قويّين على جميع ما في حيطة عالم الإمكان وجوداً وعدماً ومستقلّين فيه ، فيلزم من استقلال كلّ منهما في كلّ من الممكنات عدمُ استقلال الآخر فيه .
وضعَّفه حيث إنّ معنى الاستقلال أن لا يعارضه غيره في تأثيره ، فعلى تقدير استقلال كلّ منهما يلزم ضعفه لمعارضه الآخر ، فإذا نظر إلى ضعف أحدهما يتفرّد الآخر بالتدبير .
ولعلّه سبحانه أشار إليه بقوله العزيز : « وَ لَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ » ۱ .
وأمّا قوله : «فإن قلت» ، إلى قوله : «ثمّ يلزمك» إشارة إلى الدليل الثاني ؛ لأنّ حاصله أنّ طباع الإمكان الذاتي يستدعي استناد موصوفه إلى الوجوب الذاتي ، فإذا تعدّد الواجب بالذات ، يلزم أن يكون جملة الممكنات سَواسِيةَ الاستناد إليهما كما أشار إليه بقوله : أن يكونا متّفقين من كلّ جهة ، فيلزم [ توارد ] علّتَيْن مستقلّتين على معلول واحد . وهو باطل .
وعلى تقدير أن لا يكونا متّفقين في ذلك فمع أنّه يأباه طباع الإمكان والوجوب كما قلنا على ما أشار إليه بقوله : «أو مفترقين من كلّ جهة» من قبيل وضع اللازم موضع الملزوم ، فحينئذٍ لذهب كلّ إله بما خلق له ، فيلزم عدم اتّساق الخلق وانتظامه على ما أشار بقوله : فلمّا رأينا الخلق الخ على وفاق ما قاله تعالى : « لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا » ۲ .
وأمّا قوله : «فيلزمك إن ادّعيت» ولم يقل : «وإن ادّعيت اثنين» ، فلابدّ من وجه إشارة إلى مشاركة هذا الدليل مع الدليل الثاني في الشقّ الأخير كما لا يخفى على الناقد البصير .
وإنّما الفرق في إبطال الشقّ الأوّل منه بوجه ، فهو معطوف بالمعنى على قوله : «فلمّا

1.المؤمنون (۲۳) : ۹۱ .

2.الأنبياء (۲۱) : ۲۲ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6444
صفحه از 476
پرینت  ارسال به