رأينا» بما حاصله : أنّهما لو اتّفقا من كلّ جهة في استدعاء كلّ معلول معلول من حيث الوجوب الذاتي والطباع الإمكاني ، فامتياز بعضها في الاستناد إلى أحدهما دون الآخر يحتاج إلى ثالث من الآلهة ؛ لامتناع الترجيح من جهة الأوّلين لفرض اتّفاقهما من كلّ جهة .
وقد عبّر عن ذلك بقوله : «فرجة بينهما» ، وهو ما يفيد تميز بعض الممكنات عن البعض باستناده إلى أحدهما دون الآخر على ما قال . فصارت الفرجة ثالثاً بينهما قديماً معهما .
ثمّ بمقتضى طباع الوجوب والإمكان يكون نسبة جميع الممكنات إلى آلهة ثلاثة على سنّة واحدة . ولما كان كلّ من الأوّلين مع الثالث اثنين ، فيحتاج إلى فرجتين ، وهما إلهان آخَران ، والأمر يتمادى إلى ما لا يتناهى . وقوله عليه السلام : « فإن ادّعيت ثلاثة ، لزمك ما قلت في الاثنين » ، وهو غير كلّ واحد منهما ، وهو ثالث اثنين من الآلهة ؛ لاستغنائه عن المؤثّر ، فهو ممّا لا نسوّغه ؛ لعدم مساعدة العقل ولا اللغة مع أنّ كلّ مركّبٍ ممكنٌ ؛ لافتقاره إلى العلّة التألّفيّة وإن استغنى عن العلّة الصدوريّة كما حقّق في الحكمة الإلهيّة .
قال عليه السلام : فلمّا رأينا . [ ص۸۱ ح۵ ]
أقول : هذا ثاني البراهين ، وهو أحد الوجوه البرهانيّة في تفسير قوله تعالى : « لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا » ۱ .
قال عليه السلام : وجود الأفاعيل . [ ص۸۱ ح۵ ]
أقول : من الأدلّة الدالّة على الدليل «الإنّي» على إثبات وجوده تعالى كقوله سبحانه : «سَنُرِيهِمْ ءَايَـتِنَا فِى الْأَفَاقِ وَ فِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» ۲ .
ثمّ إنّ الأفاعيل جمع «أُفعولة» ، وهي الفعل العجيب الذي روعي فيه دقائق الحكمة كخلق الإنسان وأعضائه وعروقه وأحشائه وعضلاته وغيرها كما تضمّنها علم