145
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

وإنّما الذي يصل إلى الإنسان في الدار الآخرة نتائج أخلاقهم ، وتبعات أفعالهم للعلاقة الذاتيّة بين الأسباب والمسبّبات ، فلم يخشوا منه حقَّ خشيته . أعاذنا اللّه وإيّاكم من عذاب النار الحريق ؛ إنّه وليّ الجود والفضل ، وهو على كلّ شيء قدير .

قال عليه السلام : في صدر المجلس . [ ص۱۹ ح۱۲ ]
أقول : للإمامة والقضاء أو الإفتاء أو المشاورة إليه .
قال عليه السلام : عن يمين العرش . [ ص۲۱ ح۱۴ ]
أقول : لعلّ مراده عليه السلام من العرش هو الفلك المحيط بجميع الأجرام بأسرها ، وعن يمينه العقل الكلّي المتشوّق له كما أنّ يساره النفس الكلّيّة المتعلّقة به المدبّرة إيّاه كما يركن إليها الحكيم الإلهي الخائض في غوامض الحكمة المتعالية الربوبيّة .
ثمّ إنّه لما كان لذلك العقل الكلّي والنور الإلهي مدخل في إيجاد العقل الإنساني ، قال : «عن يمين العرش» .
ثمّ إنّ كونه الصادرَ الأوّلَ في نظام الوجود ـ كما عبّر عنه لسان الشرع بأنّ ۱ أوّل ما خلق اللّه تارة والعقل اُخرى ـ لا ينافي كونَ العقل الإنساني والجوهر الروحاني هو الأوّلَ في العالم الكياني ، وأقربَ إليه تعالى في سلسلة العود حتّى أنّه على محاذاة العقل الأوّل في سلسلة البدو .
ثمّ إنّ المجرور في قوله « من نوره » يعود إليه تعالى .
ومن الناس من قال : إنّ المراد بالعرش جميع المخلوقات ، ويمينها كناية عن جانبها الذي فيه الخير وأصحابه ، ويعبّر عن أصحاب الخير بأصحاب الميمنة ، وعن أصحاب الشرّ بأصحاب المشأمة . انتهى ۲ .
وهذا كما ترى .

1.كذا ، والظاهر : «بأنّه» .

2.و لاحظ في معنى العرش أيضا : شرح المازندراني ، ج ۱ ، ص ۲۰۸ ؛ و ج ۵ ، ص ۱۴۸ ؛ بحارالأنوار ، ج ۵۵ ، ص ۳ ؛ نور البراهين ، ج ۲ ، ص ۱۷۵ .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
144

وجميع ذلك لأجل أنّ إيمانهم لم يكن إيماناً حاصلاً من طريق الاستبصار بالآيات والبراهين ، ولا علمه نوراً فائضاً على قلبه من اللّه مكتوباً فيه بقلم اللّه « أُوْلَـئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الاْءِيمَـنَ وَ أَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ » ۱ ، « أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » ۲ بل كان إيمانهم تقليديّاً ، وعلمهم حاصلاً من أفواه الرجال ، وهداهم هدى الخلق بالرواية والكتابة ، لا هدى الحقّ بالدراية « قُلْ إِنَّ الهُدَى هُدَى اللَّهِ » ، ومثلهم لا يأمن في حقّهم مكر اللّه ، فالمؤمن المستبصر مادام في الدنيا لابدّ أن يلتجى ء إلى اللّه ، ويتضرّع له بالدعاء أن لا يزيغ قلبه من الهدى ، وأن يتفضّل عليه بهدىً ورحمةٍ من عنده وعلماً وحكمةً من لدنه . وإلى ما ذكرنا أشار بقوله عليه السلام : « يا هشام! إنّ اللّه حكى » ، إلى آخره .
قال عليه السلام : ورداها أنّه لم يخف اللّه . [ ص۱۸ ح۱۲ ]
أقول : أشار به إلى ما هو كالبرهان على أنّ القلوب متى لم تعرف عن اللّه من شأنها تزيغ عن الحقّ وتعود إلى العمى .
والردى من وجهين : أحدهما : عملي ، والآخر علمي .
فالأوّل قوله عليه السلام : « لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه » ، وسببه أنّ من لم يعقل عن اللّه كان إيمانه إمّا تقليديّاً محضاً كالعوامّ ، وإمّا ظنّياً تخمينيّاً أو جدليّاً كلاميّاً . وكلّ ذلك لا يوجب الخوف من اللّه والخشية من عذابه ؛ إذ الأكثرون لم يعرفوا من الاُصول الحِكْميّة كيفيَّةَ العلم به تعالى من صفاته وسماته وتقدّسه عن التغيير والانتقال والتحدّد والانفعال ، وغناه عمّا سواه وعن عبادتهم وعصيانهم .
وهو كما يقول في الحديث عنه تعالى : « هؤلاء للجنّة ولا اُبالي ، وهؤلاء للنار ولا اُبالي » ۳ .

1.المجادلة (۵۸) : ۲۲ .

2.البقرة (۲) : ۵ .

3.علل الشرائع ، ج۲ ، ص۶۰۶ ، ضمن ح ۸۱ ؛ تفسير العيّاشي ، ج۱ ، ص۱۸۲ ، ضمن ح ۷۸ ؛ المستدرك للحاكم النيسابوري ، ج۱ ، ص۳۱ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6487
صفحه از 476
پرینت  ارسال به