137
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

قال عليه السلام : ودنياه . [ ص۱۷ ح۱۲ ]
أقول : وذلك لأنّ حقيقة الدنيا أن تكون مَعبراً وقنطرة إلى الآخرة ؛ لأنّهما من باب المضاف ، فالعاقل هو الذي يعبر عن الدنيا بقلبه ويرغب في الآخرة بروحه ، فيكون في ساحة عظيمة ، ونعمة جسيمة ، والمنافق أبداً متعلّق القلب بالدنيا لا ينتقل إلى الاُخرى إلاّ بقهر سلطان الموت ، وقمع بدنه بقوامع من النار ، فتفسد دنياه ؛ لعدم قنطرة لها .
قال عليه السلام : يا هشام ! كيف يزكو عند اللّه عملك . [ ص۱۷ ح۱۲ ]
أقول : أصل الزكاة ـ لغةً ـ الطهارة والنماء والبركة والمدح ، وكلّ ذلك في القرآن والحديث ، ووزنها فَعَلَة كالصَدَقَة ، فلمّا تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها ، انقلب الفاء . وهي من الأسماء المشتركة بين المصدر والحاصل بالمصدر ، فتطلق على العين وهو المزكّى من المال ونحوه ، وعلى المعنى وهو التزكية ۱
ـ كما في قوله تعالى : « وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوةِ فَـعِلُونَ » ـ ۲ لا العينُ ، وكذا العمل من الأسماء المشتركة بين أمرين ، فزكاة العمل تطهيره وتجريده عن الأغراض الدنيويّة وجعله خالصا للّه ابتغاءً لوجهه الكريم .
قال عليه السلام : يا هشام ! الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل [ فمن عقل عن اللّه اعتزل] . [ ص۱۷ ح۱۲ ]
أقول : عَزَله واعْتَزَله بمعنى واحد ، والاسم العُزْلة . والأعزل الذي لا سلاح له ۳ .
والعيلة والعالة : الفاقة ، وعال عيلة وعيولاً أي افتقر ، وعيال الرجل : من يعوله ، واحده عيل ، وجمعه عيال ، وأعال الرجل : كثرت عياله ، وقيل : صار ذا عيال ۴ .
والعزّ : خلاف الذلّ ، وعزّ الشيء ـ من باب ضرب ـ عزّا وعزّة وعزازة إذا قلّ لايكاد يوجَد فهو عزيز . وعزّ فلان من باب ضرب عزّا وعزّة وعزازة إذا صار عزيزاً أي قوى
¨

1.النهاية ، ج۲ ، ص۳۰۷ (زكا) .

2.المؤمنون (۲۳) : ۴ .

3.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۶۳ (عزل) .

4.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۷۹ (عيل) .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
136

قال عليه السلام : الّذي لا يشغل . [ ص۱۶ ح ۱۲ ]
أقول : أي لا يكون ضميره وذكراه وتذكّره مشغولاً بالحلال ، ولا يكون صبره مغلوباً للحرام .
أقول : بيان الأوّل بأن يقال : إنّه لا تحجبه كثرة نعم اللّه عليه [و] وفور فضائله لديه عن النظر إلى نفسه بعين المذلّة والافتقار ، وإلى منعمه بعين العظمة والجود والإحسان ، فيشكره ويحمده على كلّ حال ۱
.
قال عليه السلام : من سلّط ثلاثاً . [ ص۱۷ ح۱۲ ]
أقول : لا يخفى أنّ بناء الإيمان والقرب منه تعالى على العقل الصرف المجرّد عن الشهوات كما أنّ بناء الكفر والبُعد عنه تعالى على الهوى المعبّر عنه بالطاغوت لدى النُهى ، ولكلّ منهما خصال تناسبه وتضادّ خصال الآخر ، خصال الأوّل : التفكّر ، والحكمة ، والاعتبار ؛ وخصال الثاني : طول الأمل ، وفضول الكلام ، وقضاء الشهوات .
وطول الأمل في الدنيا يمنع السلوك في مسلك التفكّر في الاُمور الإلهيّة وأحوال الآخرة بل يحمل النفس على التفكّر في الاُمور العاجلة ، وتحصيل أسبابها ، فيبعد عن نيل الباقيات الصالحات .
ولعلّ هذا هو المراد من قوله عليه السلام : « من أظلم نور تفكّره بطول أمله » بأن بدّل تفكّره في الأنوار الاُخرويّة بتفكّره في الظلمات الدنيويّة . والفكر انتقال ذهني إلى نيل المعلوم ، فيكون نورا لو كان ما يترتّب عليه نورانيّاً ، وظلمانيّاً إن كان ذلك ظلمانيّاً .
فقد اتّضح أنّ طول الأمل أظلم نور التفكّر ، وكذلك فضول الكلام يمحو ظرائف الحكمة ، وكذا الاشتغال بحبّ الشهوات من النساء والبنين والبنات وغيرهما يعمي القلب ويذهب بنور عبرته ؛ لأنّ حبّك الشيء يعمي ويصمّ لك عن إدراكه عبرا فينطفى ء نور الاعتبار والاستبصار .

1.جاء في الهامش تصحيحاً : «وبيان الثاني بوجهين ... إلاّ أنّه طمس في مصورة المخطوطة كثير من ألفاظه» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6587
صفحه از 476
پرینت  ارسال به